Skip to content

الاقتصاد العالمي أمام منعطف حرج في 2025 ..

يطرق العام الجديد الأبواب، بينما يقف الاقتصاد العالمي عند منعطف حرج، فعام 2025 مليء بالتحديات والفرص في آنٍ واحد.

وبينما تكافح الدول للخلاص من التأثيرات المتبقية من جائحة كوفيد-19، تترك التوترات الجيوسياسية المتزايدة ونهج الحمائية والرسوم الجمركية بصمات سلبية على التجارة الدولية.

في الوقت ذاته، يتطور المشهد التكنولوجي بشكل سريع، ما يثير المخاوف بشأن ارتفاع معدلات البطالة. وسط هذه التحديات، يقف محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم حُراسًا لضمان إدارة التضخم من جانب، وتعزيز النمو من جانب آخر، وذلك في وقت تواصل فيه الشركات والمستثمرون التكيف مع المتغيرات الاقتصادية في عالم يتحول بشكل متزايد نحو الاقتصاد الرقمي.

استطلعت “الاقتصادية” آراء نخبة من الخبراء لمعرفة المسارات المتوقعة للاقتصاد العالمي في 2025.

يرى الخبير الاقتصادي إل. دي. روبينسون أن الاقتصاد العالمي سينمو في 2025 ولكن بشكل متواضع. ويعلق قائلًا: “أغلب التقديرات تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في حدود 3%، وسيدعم الاستثمار الثابت في البنية التحتية والتكنولوجيا هذا النمو المعتدل”.

ومع ذلك، لن يكون النمو العالمي متساويًا جغرافيا، إذ ستحقق آسيا، وإفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط معدلات نمو أعلى من المتوسط العالمي، تراوح بين 4.5-5.2%.

على صعيد آخر، يعتقد بعض الخبراء أن نمو الاقتصاد العالمي سيرتبط بشكل كبير بالخطوات التي ستتخذها البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة.

الخبير المصرفي السابق في بنك إنجلترا أندرو كلاين يتوقع استقرار أسعار الفائدة في 2025 بعد سنوات من الزيادات الحادة لمكافحة التضخم.

ويقول: “وفي الغالب، سيكون عام 2025 نقطة تحول، حيث ستتحول البنوك المركزية من السياسة النقدية التقييدية إلى مواقف أكثر حيادية. لكن هذا يعتمد على الضغوط التضخمية. ومع ذلك، قد تواجه الاقتصادات الناشئة أسعار فائدة أعلى لضمان تدفقات رأس المال وتفادي تقلبات العملة”.

يرتبط القلق بشأن مسار أسعار الفائدة في 2025 بالقضية التي هيمنت على الاهتمام الاقتصادي في العامين الماضيين، وهي معدلات التضخم الدولية.

ورغم أن أغلب التوقعات تشير إلى تراجع معدلات التضخم في 2025، بحيث ينخفض المتوسط العالمي للتضخم من 6.7% في 2023 إلى 3.5% في العام الجديد، فإن الدكتور كارلسون آيلر، أستاذ الاقتصاد الكلي، يقول: “انخفاض أسعار الطاقة وتحسن ديناميكيات سلاسل التوريد ستكون عوامل رئيسية في كبح التضخم. ومن المتوقع أن تشهد الاقتصادات المتقدمة معدلات تضخم تبلغ نحو 2.5%، بينما تواجه الدول النامية معدلات أقرب إلى 5%”.

خلال السنوات الماضية، أصبحت قضية البطالة مرتبطة بشكل كبير بمدى التقدم التكنولوجي، وتحديدًا في مجال الذكاء الاصطناعي. وإذ توفر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة، فإن الانتقال غير المتكافئ يرفع نسب البطالة. ورغم الجهود المبذولة لإعادة تأهيل القوى العاملة حاسمة في التصدي للبطالة، فإنها عملية مكلفة للغاية.

بدوره، يقول الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي راجيش باتيل: “قدّرت مؤسسة ماكينزي العالمية إسهام الذكاء الاصطناعي في النمو الاقتصادي العالمي بـ4.4 تريليون دولار سنويًا، إذ يعيد تشكيل الهياكل الصناعية نحو مستوى أعلى من الابتكار والإنتاجية. وفي 2025 سيزداد تأثير الذكاء الاصطناعي على سلاسل التوريد والخدمات المالية”.

ويضيف: “سيترك ذلك بصمة على معدلات البطالة الدولية، إذ من المتوقع أن يستقر معدل البطالة العالمي عند 5.5% في 2025، بينما تراوح المعدلات في الاقتصادات الناشئة بين 4-7%، اعتمادًا على درجة دمج الذكاء الاصطناعي ومدى قدرة الدول على تأهيل العمالة التي تفقد وظائفها”.

ستحتل قضية التجارة الدولية حيزًا كبيرًا من الاهتمام الاقتصادي في العام المقبل، خاصة مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة وتبنيه مواقف مدافعة عن الحمائية الاقتصادية.

مع ذلك، ترى الباحثة في مجال التجارة الدولية إيما يوهانس أن التجارة الدولية ستنمو في العام الجديد بنحو 3.8%، مضيفة أن التوترات التجارية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، وربما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستبطئ من نمو التجارة العالمية، لكن هناك قطاعات لن تتأثر كثيرًا بفضل التقدم في التجارة الرقمية، كما يُتوقع ارتفاع التجارة في الخدمات مقارنة بالتجارة في السلع.

خلاصة القول إن عام 2025 سيمثل مشهدًا متعدد الأبعاد، يجمع بين نمو معتدل، وانخفاض التضخم، وتراجع معدلات نمو التجارة الدولية، وسط دور بارز لمحافظي البنوك المركزية. لكنه سيكون أيضًا مليئًا بديناميكيات اقتصادية معقدة نتيجة التقدم التكنولوجي وزيادة دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات الإنتاجية.

أشهر في موقعنا