Skip to content

تقرير ديوان المحاسبة حول الانفاق الحكومي: تجاوزات وإهدار كبير للمال العام

بعد تأخر ومماطلة ، اصدر ديوان المحاسبة تقريره السنوي حول الانفاق الحكومي عن العام 2022. وقد كشف التقرير عن حجم هائل وثقيل من التجاوزات ومظاهر الفساد المالي والاداري, وهدر المال العام ،والمحاباة وانخفاض الانتاجية ،وتجدر مظاهر الانحراف في كل مؤسسات الدولة تقريبا، مقابل عجز الحكومة على لجم هذه التجاوزات والانحرافات ،والقضاء على اسبابها ،ومعاقبة مسببيها ،وتبني خطة عاجلة ورشيدة لمعالجة التشوهات التي اصابت هذه المؤسسات
وقد اثار التقرير جملة من الانتقادات السياسية والاعلامية والشعبية،على حجم ماوصل اليه الفساد الذي طال كل شي، ووصل (حسب التقرير )الى حد التواطؤ مع خصوم الدولة في القضايا والمنازعات ،التي تعد ليبيا طرفا فيها ،والقيام بتحرير وتزوير مستندات ،تخدم مصلحة الخصم الاجنبي ، وتضر بمصالح الدولة الليبيه في القضايا المنظورة امام التحكيم الدولي ،علاوة عن القيام بالتفريط في المال العام من خلال القيام بتحويل اموال كبيرة وبالعملة الصعبة لاطراف خارجية دون الحصول على الضمانات المطلوبة ،مما نجم عنه ضياع هذه الاموال ،واستيلاء الطرف الخارجي عليها،دون ان يقوم بتنفيذ الالتزامات التعاقدية المفروضة عليه .
و حسب تقرير ديوان المحاسبة اهدرت المليارات من العملة المحلية والاجنبية على مشاريع فاشلة او همية ،وفي اعمال لم يستفد منها المواطن ،بل استولى على هذه المليارات مجموعة من المسئولين ،والمقربين لهم واصحاب الحضوة وكل هذه الافعال اجهدت الاقتصاد ،واثقلت الخزينة العامة ،واثرت بشكل مباشر على حياة الناس .

مضمون تقرير ديوان المحاسبة 

اظهر التقرير تجاوزا وتبديدا للمال العام ،ووقائع فساد كبيرة خلال العام 2022,بداية من اختلاس وتبديد المال العام عن طريق العقود الوهمية ،والتوريدات ،والاعاشة،والتواطؤ مع شركات محلية واجنبية بقصد الحصول على الاموال بدون وجه حق .
كما كشف التقرير الانحراف الكبير في ملف الوظيفة العامة مثل التوسع في التعيينات بالمخالفة للتشريعات النافذة ،وعدم الالتزام بالملاكات الوظيفية ،ووفق الاحتياج الفعلي للجهات المعنية ،علاوة على الواسطة والمحاباة في التعيين والتكليف بالوظائف القيادية على حساب التخصص والكفاءة .
ورصد التقرير جملة من المخالفات في الاداء والانفاق الحكومي شملت الاقامة بالفنادق الداخلية والخارجية ،وتداكر السفر ،وإيجار الطائرات لبعض الاشخاص لاتربطهم صلة وظيفية بديوان مجلس الوزراء ،وشراء السيارات للوزراء والوكلاء بعشرات الملايين من الدينارات .
والجدول التالي يوضح اتفاق بعض المؤسسات الحكومية خلال العام 2022 (تقرير ديوان المحاسبة ).
مجلس النواب =200 مليون دينار .
مجلس الدولة =26.7 مليون دينار .
مجلس الوزراء =2.06مليار دينار
المجلس الرئاسي =60 مليون دينار .
وزارة الدفاع = 15مليار دينار .
وزارة الصحة =14 مليار دينار .
وزارة المالية =1.4 مليار دينار .

وزارة الخارجية =687 مليون دينار.
ان ماورد في هذا الجدول يكشف حجم الفساد الكبير في الانفاق العام في مؤسسات الدولة ،دون ان يقابل هذا الانفاق بانجازات
وحسب الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي ان تقرير ديوان المحاسبة جاء متأخرا ،وبعد مماطلات كثيرة حتى ظهر بهذا الشكل ،وان التقرير هو وتيقة مهمة تعري وتكشف الممارسات الخاطئة في منظومة المؤسسات الليبية .وهذا مايؤكده الناشط السياسي سليمان الذي علق على ان تقرير ديوان المحاسبة ان مستوى نهب المال العام مايندى له الجبين .
ان ماجاء في تقرير ديوان المحاسبة صادم ،ويكشف حالة الفساد المستشرية في مؤسسات الدولة ،التي تصنف من بين العشر دول الاكثر فسادا في العالم ،بعد ان تحصلت على 17نقطة من 100 نقطة في مؤشر النزاهة .
وماورد في تقرير ديوان المحاسبة ليس اكثر من جانب من جوانب الفساد ،واستنزاف الموارد ، وان اغلب المعاملات المالية والادارية في المؤسسات العامة والخاصة في ليبيا يشوبها الفساد مما يستدعي ضرورة وقف هذه الممارسات ومعاقبة مرتكبيها، خاصة وان البعض يسعى لتوظيف ماورد في التقرير ، في إطار الخصومة السياسية،فيما الشارع الليبي اصبح معتاد على مواضيع الفساد الكبيرة والصغيرة ،دون يتم بالمقابل معاقبة اي مسؤؤل كبير على تلك الجرائم إلا في ما ندر .
وعلى النائب العام التحقيق في التجاوزات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة كافة لضمان عدم ضياع مزيد من الثروات والحقوق ،وظبط وإحضار كل من تحوم حوله شبهات فساد ادت الى إهدار المال العام بهذه الطريقة البشعة .
يلي ذلك ضرورة البدء في إعادة بناء الشرعية لمؤسسات الدولة ،وإعادة تنظيم الإطار القانوني ،من خلال اضفاء الشرعية بانتخابات نزيهة وقانونية وحرة ،تفرز مجلسا تشريعيا جديدا ،يعيد هيبة الدولة ،ويقوم تطبيق القانون ،ويرسي القواعد الاساسية لإدارة وإنفاق المال العام .

 

بقلم الدكتور / مسعود السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي

أشهر في موقعنا