الدكتور مسعود المهدى السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعه
يثير وجود العمالة الأجنبية الوافدة اهتماما متزايدا، وجدلا واسعا في ليبيا، على المستويين الرسمي والشعبي، حيت اصبح تدفق العمالة الوافدة وبهذه الاعداد الضخمة ظاهرة لافتة في كل المناطق والمدن الليبية، وتثير المخاوف من الآثار السلبية لوجود هذه الاعداد الضخمة من العمالة وبشكل عشوائي، وغير منظم على بنية الاقتصاد الوطني الهش ، والتخوف من تحول العمالة الوافدة إلى كتلة اجتماعية دائمة ،تؤثر في عاداتها وسلوكها وطريقة حياتها سلبيا علي قيم وعادات وبيئة المجتمع الليبي.
وتقدر اعداد العمالة الوافدة حسب إلاحصائيات الصادرة عن وزارة العمل والتأهيل بأكثر من 2.1 مليون عامل، وهو عدد كبير مقارنة بعدد السكان الذي لايزيد عن 7مليون نسمة
وتأتي اغلب العمالة الوافدة من بعض الدول العربية مثل مصر والسودان وتونس،ومن بعض الدول الافريقية مثل نيجيريا والنيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو، وايضا من بعض الدول الاسيوية مثل بنغلاديش والباكستان والهند.
وتعمل العمالة الوافدة واغلبها عمالة غير مدربة في أعمال لاتحتاج الى مهارات عالية او خبرة طويلة مثل الزراعة والبناء والنظافة، ومحلات بيع المواد الغذائية واسواق الخضار والفاكهة، وهي تتقاضى أجورا يومية تصل إلى 300 دينار وهو رقم كبير مقارنة بما يتقاضاه أغلب الموظفين الليبيين العاملين في القطاع العام الذين لاتزيد مرتباتهم الشهرية عن 900 دينار. ويعمل اكتر من 70% من هذه العمالة بصورة غير قانونية.ولايخضعون للاجراءات الصحية المطلوبة،ولا يرتبطون بعقود عمل رسمية،كما ان اغلبهم لايدفعون ماعليهم من التزامات مالية للدولة مثل الضرائب وفواتير الكهرباء والماء وغيرها،ويقومون بتحويل اموالهم خارج إطار المنظومة المصرفية، بل طريق السوق السوداء التي تشكل اقتصادا موازيا لاقتصاد الدولة، وفي هذآ الاتجاه.
كشف وزير العمل والتأهيل في حكومة الوحدة الوطنية علي العابد ان تحويلات العمالة الوافدة تقدر بنحو 26 مليار دينار سنويا،،اي مايعادل 5.38 مليار دولار، وان اغلب تلك التحويلات تتم عبر السوق الموازي،وليس عبر المصارف التجارية وبالتالي لايستفيد الاقتصاد الوطني من هذه التحويلات، وأن جل العمالة الوافدة تعمل في القطاع غير الرسمي الذي يشكل 60% من الناتج الإجمالي.
وحسب المحلل المالي معتز هويدي ان تحويلات العمالة الوافدة عبر السوق الموازي احد اسباب ارتفاع سعر الصرف، علاوة على أنها أموال ضائعة على الاقتصاد الوطني.
وقد بدأت الجهات المختصة في ليبيا تسعى جاهدة لتنظيم وجود هذه العمالة وحصرها وتسجيلها، وإصدار تصاريح عمل لها، وفق الظوابط والقوانين المعمول بها في ليبيا، للحفاظ على حقوقهم وحقوق أصحاب العمل، والعمل على استجلاب العمالة المدربة التي تحتاجها البلاد لتنفيد مشروعات التنمية.
ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية إلا انها تبقى جهودا محدودة التأثير، وقليلة الفاعلية بسبب الانقسام الحكومي،وعدم ظبط الحدود وغياب الامن والاستقرار،
وسوء إدارة مرافق الدولة، وانتشار ظاهرة الفساد، علاوة على ان العمالة الوافدة تعمل في مهن لايقبل عليها الليبيين.
من جانب آخر، ان الاعتماد الكبير على العمالة الأجنبية،الوافدة والسماح بتزايد وجودها بشكل عشوائي وغير منظم،ودون دراسة متطلبات سوق العمل،وعدم اتباع التعامل المصرفي الرسمي في دفع الرواتب والتحويلات الخاصة بالعمالة الأجنبية سيؤدي إلى خسارة الخزينة العامة مبالغ ضخمة كان يجب أن تدفعها العمالة الوافدة في صورة ضرائب ورسوم وغيرها،وزيادة تنامي ظاهرة السوق الموازي التي تعتمد عليها العمالة الوافدة في شراء العملة الصعبة والتحويلات المالية، علاوة على زيادة نسبة البطالة بين الشباب الليبي التي اصبحت احد المهددات الرئيسية للاقتصاد الليبي