تعيش البلاد العديد من التحديات اقتصادية التي تعبر عنها الأرقام، من ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار السلع، في وقت تتصاعد فيه المشاكل المالية وتتجلى تأثيراتها بشكل واضح على الحياة اليومية للمواطنين.
وحول تلك التحديات، وواقع المشهد الاقتصادي الليبي، أجرت شبكة “عين ليبيا”، لقاء خاصا مع مؤسس سوق الأوراق المالية، الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي.
ووصف الشحومي، المشهد الاقتصادي في ليبيا، “بالمرتبك والمعقد في نفس الوقت، مرجعا الأسباب إلى الشكل السياسي الحالي القائم، مع وجود حكومتين، وفي ظل وجود إنفاق كبير دون أية رؤية واستراتيجية وخطط وبرامج واضحة لتنظيم وتطوير وتأهيل مسألة الإنفاق”.
وحول الإدارة المالية العامة الليبية، اعتبر الشحومي، أن “هناك تخبط كبير خصوصا بين المؤسسات المسؤولة عن تحصيل الايرادات السيادية “لا سيما النفطية”، لافتا إلى “وجود أزمة مصداقية في البيانات، وعدم اعتماد المؤسسات على أسس قانونية في إدارة المال العام، ما انعكس سلبا على الواقع الاقتصادي وفاقم من تخبطه”.
ونوه الشحومي، إلى أن “القراءة في ما بين سطور إقرار الميزانية التي صدرت مؤخرا، تشير بما لايدعو للشك أن موضوع الإدارة المالية العامة وضبط الانفاق، ليس ذات أولوية المشهد الاقتصادي الليبي الحالي”.
وحول المدرسة الاقتصادية التي ينتمي إليها الاقتصاد الليبي، قال الشحومي: “إنه يعد اقتصادا ريعيا، يقوم على بشكل اساسي على الايرادات النفطية، بينما مساهمة الإيرادات الأخرى قليلة جدا، وفقا لما ذكره الشحومي”.
وأضاف: “الشكل الاقتصادي القائم، نوع من الخليط (هجين) بين الشكل الاشتراكي والشكل الرأسمالي للاقتصاد، فهناك قطاع خاص يعمل، ولكن مساهمته الضريبية ضعيفة جدا على الرغم من على التحويلات الكبيرة بالعملة الاجنبية، إضافة لمحدودية مساهمته في عملية التمنمية في البلاد”.
وقال الخبير الاقتصادي: “القطاع العام ليس بأفضل حالا من القطاع الخاص، فالفساد متغلغل في جنباته، ويحتاج إلى إعادة تأهيل وإعادة تنظيم هيكلية لقطاعاته كافة”.
وفي ضوء كل هذه التحديات التي تواجه الواقع الاقتصادي، قال الشحومي “إن المطلوب، وضع رؤية اقتصادية وخطة مستقبلية، وهذا يتطلب استقرار سياسي ومؤسساتي واستقرار تشريعي أيضا”.
وتعقيبا على قضية الدينار الليبي مقابل الدولار، شدد الشحومي، “أنها مسألة فيها كثير من التعقيدات الحقيقة ومرت بكثير من منعطفات، رفع البنك المركزي سعر الصرف منذ حوالي عامين بحجة ان هو سيقوم بمراجعة تدريجية ويرجع بسعر الصرف، وفي إطار سعيه لضبط السوق، ولكنه لم يتمكن من تحقيق هدفه، وعادت السوق الموازي أو السوق السوداء نتيجة عدم قدرة المركزي على القيام بدوره”.
وحول قضية الأموال المجمدة في الخارج، لفت الشحومي “إلى أنه تم بموجب قرار مجلس الأمن الدولي، وبالتالي رفع التجميد عنها يحتاج أيضا إلى صدور قرار مجلس الأمن، وموافقة لجنة العقوبات بالمرحلة الأولى، وما يزال هذا الملف محل صراع، وكانت هناك محاولات سابقة للإفراج عن هذه الأموال، لكنها فشلت”.