الدكتور مسعود المهدى السلامي.
استاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة.
في خطوات متسارعة وجريئة ومتتابعة أعلن محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد ناجي عيسى ونائبه مرعي البرعصي عن اتخاد حزمة من القرارات والإجراءات والظوابط التي تهدف الى إضفاء بصمة إيجابية وفي وقت قياسي على السياسات المصرفية، وتفعيل عمل المصرف المركزي ،والحد من الاعتماد على السياسات النقدية القديمة للإدارة السابقة ألتي كانت تفتقر للمرونة والشفافية، والاستراتيجية الواضحة في إدارة عمل المصرف.
والخطوات التي اتخدتها الإدارة الجديدة للمصرف المركزي كانت تبعاتها إيجابية على المستوى الاقتصادي، من خلال اضفاء إيجابية في وقت قياسي على السياسات النقدية، بالنظر الى سرعة انجاز القرارات ألتي ساهمت في غضون أيام قليلة في تحسن ملحوظ في قيمة الدينار امام العملات الأجنبية الأخرى. ومايقوم به المصرف المركزي هو بداية جديدة لاقتصاد ليبيا، وهي تمتل مؤشرات واضحة على أن اقتصاد البلاد بدأ في التعافي، فقد اصبحت المصارف اكثر قوة واستقرارا، والنظام المالي بات يعمل بمرونة أكبر.
وتتمثل اهم الخطوات ألتي اتخدتها الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي في الغاء 69 قرارا كان قد اصدرها محافظ مصرف ليبيا السابق الصديق الكبير، ورفع سقف بطاقات الأغراض الشخصية من 4000 دولار الى 8000 دولار سنويا، وتخفيض الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي من 27% إلى 20% ,ومن المتوقع ان يقوم المصرف برفع الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي كليا تنفيذا لاحكام القضاء، إلى جانب رفع سقف الاعتمادات الصناعية الى 10 ملايين دولار مع إمكانية زيادة القيمة بموافقة إدارة الرقابة على المصارف، وزيادة بطاقة صغار التجار من 100 الف دولار إلى 500الف دولار. هذا علاوة على فتح الاعتمادات المستندية والمقاصة وتوفير 15 مليار دينار وتوزيعها على المصارف التجارية لمواجهة مشكلة شح السيولة.
و قد ادت هذه الخطوات إلى انتعاش في قيمة الدينار امام الدولار ،حيت انخفض الدولار من 8.9 دينار خلال شهر سبتمبر الماضي إلى 5.97 دينار الآن
وتمتل خطوات الإدارة الجديدة للمصرف المركزي تحولا في دور المصرف نحو تعزيز الاستقرار المالي
في البلاد، كما أن قرار المصرف المركزي برفع قيمة مخصصات الأغراض الشخصية إلى 8000 للفرد الواحد،وغيرها من الخطوات الأخرى ليست مجرد تعديل إداري بسيط بل هي خطوات تعمل على زيادة الانتعاش الاقتصادي، والحد من الفوضى في سوق صرف العملة، وتزيد من تقة المستثمرين، وتسهم في تحسين تدفق الأموال وزيادة الأمان في التحويلات المالية. علاوة على ان هذه الخطوات تلبي احتياجات المواطن، وتمنحه الحق في الحصول ولو على قدر محدود من النقد الأجنبي، الذي يستحوذ عليه (بارونات الفساد ) من المحتكرين للاعتمادات المستندية وكبار التجار ،والمتحكمين في السلطة والمال..
كما تشير هذه الخطوات إلى أن المصرف المركزي يمتلك احتياطيات كافية من العملة الصعبة، ولديه القدرة على التكيف مع التغييرات الاقتصادية واحتياجات السوق، وتغطية الطلب على النقد الأجنبي
وتوفير الدعم الممكن للقطاعات الحيوية في البلاد من خلال رفع سقف الاعتمادات المستندية إلى 10ملايين دولار قابلة للزيادة.
ولم تقتصر خطوات المصرف المركزي على زيادة قيمة بطاقات الأغراض الشخصية والاعتمادات المستندية، بل تعدى ذلك إلى تحريك عملية المقاصة بين المصارف، ورفع القيود التي كانت مفروضة على السحب النقدي ،بالإضافة إلى توفير مبلغ 15 مليار دينار وتوزيعها على المصارف التجارية لحل مشكلة السيولة، الى جانب البدء في اتخاد الاجراءات العملية لتنظيم عمل محلات الصرافة والقضاء على السوق السوداء.
والسؤال الاهم؛ هل تنجح هذه الخطوات في احدات الاستقرار المالي والاقتصادي المطلوب في ليبيا؟
▪ صحيح أن الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي تخطو خطوات جيدة وتسير في الاتجاه الصحيح نحو حل كل المشاكل ألتي يعاني منها القطاع المصرفي، لكن يبقى النجاح النهائي لسياسة مصرف ليبيا المركزي على المدى المتوسط والطويل متوقفا على اتخاد مجموعة من التدابير والإجراءات العاجلة اهمها:
اولا: التخلص من الضغوط السياسية والعمل على ضمان حيادية واستقلالية المصرف عن الصراعات بين الأطراف السياسية،
تانيا: إيجاد سياسة نقدية رشيدة، لاتثقل كاهل المواطن وتجنب القطاع الاقتصادي ماقد يحدث من اهتزازات مالية نتيجة تقلبات أسعار النفط..
ثالثا : تبني مصرف ليبيا المركزي برنامج اصلاح اقتصادي حقيقي يعمل على لجم الهدر في الانفاق العام ،ومقاومة الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة.
رابعا:على المصرف المركزي الامتناع عن القيام بأي خطوة لتخفيض قيمة الدينار الليبي لتمويل العجز في الميزانية العامة، لتغطية العجز الناجم عن عدم تحصيل المليارات الضائعة من الإيرادات السيادية من النفط والغاز والاتصالات والمحروقات والجمارك، وغيرها من الإيرادات المنهوبة والضائعة.
خامسا:: إعادة هيكلة القطاع المصرفي بالكامل وتشديد الرقابة عليه. وإجراء تغييرات تشمل عدد من مدراء المصارف التجارية، ومدراء الإدارات والفروع في المصارف ألتي لم تتمكن من بناء كوادر مهنية قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة في القطاع المصرفي