Skip to content

صناعة الأزياء العالمية.. اقتصاد رائد يبحث عن الاستدامة

ظاهريا، تبدو صناعة الملابس عادية كبقية الصناعات، إلا أن بواطن الأمر خلاف ذلك، فوفق أحدث الدراسات لمنظمة الأمم المتحدة، تعد ثاني مصادر التلوث البيئي، فهي المسؤولة عن نحو 8 % من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا.

وبتلك النسبة تتجاوز انبعاثات الصناعة نظيرتها في قطاع الشحن البحري والطيران الدولي معا، فضلا عن هدرها نحو 80 مليار متر مكعب من المياه سنويا، أي ما يعادل احتياج 5 ملايين شخص.

من منظور آخر، تتحدث الأرقام عن سوق عالمية متنامية تقدر بنحو 1.36 تريليون دولار في 2024، مع توقعات بأن تصل، بحلول 2029، إلى 1.78 تريليون دولار. بعبارة أكثر دلالة على حجم النمو، تنتج هذه الصناعة 100 مليار قطعة ملابس سنويا، بواقع 14 قطعة لكل إنسان في العالم، وفقا لما أورده تقرير اقتصادي مختص.

وتشكل صناعة الأزياء، وفي جوهرها قطاع الموضة، عماد اقتصاديات عدد من الدول، ففي فرنسا مثلا يشكل القطاع أساس الصادرات الفرنسية إلى أكثر من 200 دولة، بإسهام يبلغ % 3.1 في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تضم باريس لوحدها أكثر من 10 آلاف شركة عاملة في القطاع، توظف نحو 600 ألف شخص.

في بريطانيا، تسهم صناعة الموضة وحدها، وفق تصريح كارولاين راش، الرئيسة التنفيذية لمجلس الأزياء البريطاني، بـ32 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني، بيد عاملة تناهز 900 ألف شخص. بذلك يتعدى القطاع الذي ينمو بوتيرة أسرع بأضعاف من نمو الاقتصاد الكلي، بحسب الرئيسة دائما، قطاع الاتصالات، وحتى صناعة السيارات.

وتضاعف إنتاج الملابس تقريبا، خلال العقدين الماضيين، في حين أن عدد سكان العالم زاد بنحو 30 % فقط، ما يعني مزيدا من الشراء مع قلة في مدة الاستعمال، فالمرأة في الولايات المتحدة مثلا كانت، في ثلاثيات القرن الماضي، تشري 9 أزياء في السنة، أما اليوم فقد تجاوز العدد 60 زيا، ما يفسر التوقعات بانتقال الاستهلاك العالمي من 62 مليون طن اليوم إلى 102 مليون طن بنهاية العقد الحالي.

تتمثل “الموضة” كلمة السر لضمان استمرارية النمو، ففي حقبة الخمسينيات تحدث بي إيرل باكيت مخاطبا المئات من المدرين التنفيذين في قطاع الموضة والتجزئة، “وظيفتنا هي جعل النساء غير راضيات عن الملابس التي يملكنها”، مسترسلا بأنه “لا يمكن للقطع طويلة الاستخدام أن تشكل أساسا لقطاع أزياء مزدهر، علينا تسريع تقادمها”.

كانت فكرة التقادم السريع مذهلة بالنسبة للماركات العالمية في الأزياء، حيث بادرت إلى تغيير مواعيد أحدث ما أنتجته من أزياء، فبدل الاعتماد على المواسم لطرح الألبسة، صار الأمر مع مطلع الثمانينيات موعدا شهريا، ثم ما لبثت الصيحات الجديدة إلا وتطرح بشكل أسبوعي حاليا، ما يضمن بقاء معدلات الشراء مرتفعة.

توجه بات مدار جدال بسبب تداعياته الكارثية على البيئة، ما ساعد على ظهور مصطلح “الموضة الدائرية” أو “الموضة المستدامة” عام 2014، الذي صاغته أنا بريسمار، مؤسسة شركة “غرين استراتيجي” الرائدة في صناعة النسيج المستدامة، وهي التي ترمي إلى إنتاج ملابس وأزياء صديقة للبيئة، تستخدم لأطول مدة ممكنة.

سوق الأزياء المستدامة بدورها تحقق نموا متصاعدا عالميا، رغم أنها لا تزال في بداياتها، حيث حققت العام الماضي ما قيمته 7.80 مليار دولار، مع توقعات ببلوغها 27.94 مليار دولار بحلول 2030.

فعاليات أسبوع الموضة في البحر الأحمر من 16 إلى 18 مايو الجاري، إحدى مبادرات هيئة الأزياء السعودية، لا تخرج عن سياق الاستدامة في عالم الموضة، لكونها تتماشى مع أهداف رؤية 2030 التي تنشد التحول الاقتصادي في تناغم وانسجام تامين مع البيئة.

العرب الاقتصادية

أشهر في موقعنا