Skip to content

قطاع الاتصالات والتقنية: صراع على الغنيمة وأموال ضائعة.!

الدكتور مسعود المهدي السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة

يعتبر قطاع الاتصالات في كل دول العالم من اهم القطاعات وأكثرها اهمية، وعاملا مهما من عوامل النهوض وإحداث عملية التنمية الشاملة.ومصدرا من مصادر الدخل العام.
ولأهمية هذا القطاع، ويتزايد اعتماد الدول عاما بعد عام عليه في كل مناحي الحياة، بدأ ينال اهتمام الدول في خططها الوطنية بما جعل مكانته تفوق قطاعات أخرى مهمة مثل قطاع الصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات الأخرى, وينعكس استخدام الاتصالات بكفاءة ومهنية على زيادة إلانتاجية في مختلف القطاعات كما ونوعا.
و في ليبيا، يعتبر قطاع الاتصالات والتقنية المصدر التاني للدخل بعد قطاع النفط، وهو يساهم بفاعلية في عملية التنمية، وتحريك عجلة الاقتصاد، وزيادة الدخل العام، علاوة على انه أحد اعمدة الأمن الوطني في ليبيا.

وقد ساهم قطاع الاتصالات خلال السنوات القليلة الماضية في زيادة الدخل العام حيت سجل نسبة إيرادات وصلت إلى مايعادل 10% .ويضم القطاع عددا من الشركات ابرزها شركة ليبيانا والمدار الجديد وليبيا للاتصالات والتقنية وبريد ليبيا وهاتف ليبيا والاتصالات الدولية والجيل الجديد للتقنية التي تختص بتقديم خدمات الاتصالات الهاتفية والانترنت وغيرها من الخدمات الأخرى ،ويعمل بهذه الشركات عدد كبير من العمالة التي يصل عددها الى 17000 عاملا.

و من المعلوم ان الدولة تحتكر خدمات قطاع الاتصالات،وهي ألتي تضع سياساته ،وتعين من يتولى مجالس إدارات شركاته ،وتذهب االايرادات المالية للقطاع للخزينة العامة للدولة،
ولم يسلم قطاع الاتصالات مثله مثل القطاعات الأخرى في الدولة من الفساد ونهب المال،واصبح مع الوقت وفي غياب الرقابة الفعالة قطاعا جذابا ومغريا للسرقة والاختلا،وتحول الى محاصصة و مغنم لأصحاب النفوذ والواسطة والولاءات السياسية والمناطقية ،الامر الذي خدمات القطاع وايراداته المالية التي بدأت في التلاشي التدريجي حتى وصلت إلى صفر دينار خلال الربع الأول من العام 2024.

وفي محاولة للحد من الفساد في هذا القطاع خلال
الايام الماضية تم القبض على كل من:
_مدير شركة الابتكار للاتصالات
_ مدير عام شركة LTT.
_مدير عام شركة ITT.
فيما تمكن كل من :
_رئيس مجلس إدارة شركة LTT.
_مدير شركة روافد للاتصالات من الهرب إلى خارج ليبيا
وكانت الشركة القابضة للاتصالات قد كشفت عن ايراداتها عن الثلاث سنوات الماضية وهي كالاتي:
2021 _649 مليون دينار.
2022_695 مليون دينار
2023_ 913 مليون دينار.
الربع الأول من 2024_ صفر دينار.

إيرادات صفرية خلال الربع الأول من العام 2024 ومع ذلك لم يوضح مصرف ليبيا المركزي أو ديوان المحاسبة سبب عدم وجود إيرادات خلال هذه المدة المذكورة، ولماذا اختفت هذا العام ، فيما خرجت وزارة المالية ببيان تبرر فيه الوضع بالقول ان الإيرادات تورد الى الخزينة العامة في نهاية كل سنة وهو بيان يخالف الواقع ،وغير صحيح، ويكذبه تقرير مصرف ليبيا المركزي نفسه الذي يؤكد توريد 150 مليون دينار تقريبا خلال الثلاث اشهر الأولى من عام 2023، وهو ماتم أيضا خلال سنوات سابقة .

والسؤال اين ذهبت إيرادات قطاع لاتصالات؟ ولماذا اختفت الإيرادات خلال هذا العام ؟ ولماذا غابت الأجهزة الرقابية عن إيقاف الهدر والسرقة في هذا القطاع؟

ان شركة الاتصالات والتقنية اصبحت تمثل قمة الفساد المالي في الدولة الليبية خاصة بعد تولي محمد بن عياد مجلس إدارتها ، الذي رهن كل إلايرادات المالية للشركة لتغطية الإنفاق الموازي للحكومة، وتسخير موارد القطاع لمصلحة بعض المتنفذين في الدولة، مما أدى إلى تآكل رصيدها المالي عاما بعد عام. وكمثال على ذلك كان رصيد شركة ليبيانا قبل قدوم بن عياد لرئاسة الشركة 3 مليار و 800 مليون، وبعد مرور عامين من توليه للشركة القابضة للاتصالات تدني رصيد شركة ليبيانا إلى 461 مليون دينار، مما يعني ان شركة ليبيانا قامت بصرف 3 مليار دينار خلال سنتين.

وقد كشفت بعض التقارير عن تورط شخصيات نافذة في الدولة في الحصول على عقود مالية ضخمة مقابل تقديم خدمات استشارية لتسهيل الاستحواد على أموال الشركة القابضة.

ورغم أن شركة الاتصالات لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة ، إلا انها اصبحت رهينة لعملية الإنفاق الموازي لحكومة الوحدة الوطنية خاصة بعد الخلاف الذي نشب بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية ومحافظ مصرف ليبيا المركزي .وهذا الوضع المتردي الذي آل اليه هو الذي دفع فريق الخبراء المعني بليبيا التابع للأمم المتحدة للتحدير من ان الشركة الليبية للاتصالات مهددة بخطر الازدواجية واختلاس المال العام.

ومن جهته يقول عضو مجلس النواب العرفي ان إلاحصائيات السابقة كشفت ان إيرادات قطاع الاتصالات يتجاوز 3 مليار دينار سنويا، ومع ذلك فإنه لم يورد للخزينة العامة اي شيء خلال الربع الأول من العام 2024 ,واصفا مايحدث بالنهب الممنهج لعشرات المليارات، داعيا ديوان المحاسبة مجابهة اباطرة الفساد داخل الشركة.

والخلاصة، انه ليس بجديد على المتابع للشأن الاقتصادي الليبي وقائع الفساد المالي والإداري الذي بات ينهش مؤسسات الدولة جميعا دون استثناء، حتى صار الفساد مثل كرة الثلج التي تزداد حجما وتكبر باتساع دائرة تدحرجها، ويبدو أن الفساد اصبح امرا مستساغا ومقبول عند العموم من المتحكمين في مؤسسات الدولة وعليه فإن الفساد ونهب المال العام في شركة الاتصالات ليس حالة شادة او استثناءا .

أشهر في موقعنا