Skip to content

التكنولوجيا الزراعية يمكن أن تنهي الجوع لملايين الأفارقة بحلول 2030

ذكر تقرير حديث أصدره معهد بروكينجز للدراسات الاستراتيجية بالولايات المتحدة أن حوالي 118 مليون شخص في إفريقيا سيواجهون جوعًا حادًا بحلول عام 2030 إذا لم تتم معالجة هذه التحديات الإنتاجية التي تواجه القطاع الزراعي في القارة، مشيرا إلى أنه إذا تم تبني الزراعة الرقمية بشكل كامل في إفريقيا، فإنها تمتلك القدرة على إنقاذ 282 مليون إفريقي من الجوع بحلول عام 2030.

وأكد المعهد الأمريكي في تقرير له بعنوان “رؤية مستقبلية لافريقيا: الأولويات الرئيسية للقارة 2025-2030” أنه يمكن لهذا النهج المعتمد على التقنيات الرقمية والزراعة الحديثة أن يساعد في معالجة التحديات الإنتاجية الزراعية، والأهم من ذلك مواجهة القضايا المتعلقة بالمناخ مثل الجفاف، والفيضانات، ودرجات الحرارة القصوى التي تهدد الأمن الغذائي.

وأشار التقرير إلى أنه خلال الثورة الصناعية، لعبت الميكنة دورًا رئيسيًا في تعزيز الإنتاج الزراعي. ومع ذلك، لم تستفد إفريقيا بالكامل من هذه الثورة، ولكن الآن، وفي عصر الرقمنة، تملك القارة فرصة جديدة للاستفادة من التقنيات الزراعية الحديثة.

ويؤكد معهد الفكر الأمريكي أن “الثورة الصناعية الرابعة لديها أيضًا القدرة على تحويل القطاع الزراعي في إفريقيا، مما يدعم تقدم القارة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 من خلال تعزيز الأمن الغذائي، والقدرة على الصمود، والاستدامة، كما أن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوكشين، وإنترنت الأشياء بدأت في معالجة التحديات القديمة في الزراعة، مثل الإنتاجية المنخفضة وعدم كفاءة الأسواق في ظل تغير المناخ.

وأشار معهد بروكينجز إلى أن “الابتكار الرقمي من خلال الرؤى المستندة إلى البيانات والأدوات المؤتمتة يمكن أن يمكن من اتخاذ قرارات أفضل، واستهداف دقيق، وكفاءة في استخدام الموارد، وهو ما يعد ضروريًا لتعزيز الإنتاجية الزراعية في إفريقيا وضمان الأمن الغذائي لسكانها المتزايدين”.

وتتضح تأثيرات التقنيات الرقمية على الزراعة الإفريقية، مع لعب المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR) دورًا رئيسيًا في هذا التحول، وكانت المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية أول من استخدم الأدوات الرقمية لمواجهة التحديات الزراعية، حيث قدمت ابتكارات مثل الخرائط الرقمية للتربة وأنظمة الذكاء الاصطناعي للكشف عن أمراض المحاصيل.

وساعدت هذه التقنيات المزارعين على تحديد الأمراض وعلاجها مبكرًا، مما أدى إلى زيادة الإنتاج وتقليل خسائر المحاصيل. فعلى سبيل المثال، في نيجيريا، قدمت منصة مراقبة أمراض الكسافا التي طورتها المعهد الدولي للزراعة الاستوائية (IITA) إلى جانب أدوات مثل متتبع بذور الكسافا وتطبيق Nuru المعتمد على الذكاء الاصطناعي، حلولًا مكنت المزارعين الصغار من تشخيص أمراض الكسافا وإدارتها بسرعة.

كما طورت المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية ايضا من أدوات الزراعة الدقيقة مثل أنظمة الري الذكية وأنظمة التنبؤ بالمناخ، التي تعمل على تحسين استخدام المياه وتساعد المزارعين في الاستعداد للظروف الجوية غير المواتية، وتوفر الأدوات الرقمية مثل تطبيق RiceAdvice وخدمة NextGen Agroadvisory توصيات محددة حسب الموقع للأسمدة والزراعة، مما أدى إلى زيادة بنسبة 25% في إنتاجية القمح والأرز، وبالتالي تحسين أرباح المزارعين الصغار في إثيوبيا ونيجيريا ومالي.

ولكن الجانب السلبي لهذه الصورة المتفائلة هو ضعف مستوى المشاركة من قبل القطاعين العام والخاص في إفريقيا. فقد قامت دول قليلة فقط في القارة بتطوير استراتيجيات للزراعة الرقمية، والتي تعتبر ضرورية لتحديد الأهداف والإجراءات المحددة المطلوبة للمضي قدمًا.

وفي “استراتيجية الزراعة الرقمية للاتحاد الإفريقي (DAS) وخطة التنفيذ 2024-2030″، يشير الاتحاد الإفريقي إلى التبني البطيء للزراعة الرقمية في إفريقيا، على الرغم من وجود استراتيجية قارية. فكان من المتوقع أن تطور الدول استراتيجيات وطنية خاصة بها بناءً على هذا الإطار، ولكن قلة فقط قامت بذلك وتشمل موريشيوس وجنوب إفريقيا وكينيا ومصروتونس والمغرب والجزائر.

ووفقًا لمؤشر الجاهزية للزراعة الرقمية لعام 2022، الذي يقيم الدول بناءً على مؤشرات مثل البنية التحتية الرقمية، الوصول إلى التكنولوجيا، والمهارات الرقمية، وبيئة الأعمال، واللوائح و خدمات الدفع الإلكتروني، وبوابات البيانات الزراعية الوطنية، فإن تسع دول فقط سجلت أكثر من 45 نقطة، وتتصدر موريشيوس وجنوب إفريقيا القائمة بدرجات 61.4 و60.5 على التوالي، وتليهما كينيا بدرجة 4ر53 ومصر بدرجة 5ر51.

وحتى في القطاع الخاص، كان التقدم في تطوير الزراعة الرقمية بطيئًا، على الرغم من تحقيق بعض الخطوات المهمة خلال العقد الماضي. ووفقًا لتقرير AgBase بعنوان “حالة الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية في إفريقيا 2024: من فقاعة الانفجار إلى قاعدة جديدة”، جمعت 131 شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الزراعية 215 مليون دولار عبر 158 صفقة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. ويمثل هذا الرقم 11% من إجمالي حجم التمويل و23% من عدد الصفقات في القطاعات الرقمية والتكنولوجية في إفريقيا. ومع ذلك، انخفض التمويل من داخل إفريقيا بنسبة 59%، في حين أن الانخفاض من خارج القارة لم يتجاوز 2%.

وأوضح التقرير إلى أن الزراعة تعد قطاعًا حيويًا لاقتصادات إفريقيا ومواجهة التحديات الصعبة للقارة، حيث تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق الأمن الغذائي وخلق الثروة، مؤكدا أنه لم يعد بالإمكان أن تعمل الزراعة دون التكامل الكامل مع التقنيات الرقمية.

وأوصى معهد بروكينجز الحكومات الإفريقية وأصحاب المصلحة بإعطاء الأولوية للسياسات التي تمكن التحول الرقمي، مع ضمان الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا وتوفير الوصول العادل للجميع. ويشمل ذلك تنفيذ سياسات حوكمة البيانات، الترويج لبرامج محو الأمية الرقمية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية لتحويل الزراعة الإفريقية وضمان الأمن الغذائي والتنمية المستدامة والقدرة على الصمود في أنظمة الأغذية الزراعية.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من التحديات الكبيرة في هذا القطاع الحيوي، الآن آنه يمكن تحويل الزراعة الإفريقية وضمان الأمن الغذائي من خلال تبني التقنيات الرقمية، بدعم من سياسات ملائمة واستثمارات استراتيجية.

أشهر في موقعنا