صوت أعضاء مجلس النواب الليبي على الميزانية العامة للدولة الليبية والتي قدرت بـ 179 مليار دينار ليبي، واعتبرت أعلى ميزانية في تاريخ البلاد، ووصف المجلس الأعلى للدولة في بيان رسمي جلسة مجلس النواب بأنها جلسة شابها العديد من المخالفات الجسيمة.
كما أثارت جلسة مجلس النواب موجة كبيرة من التساؤلات والاستغراب من قيام البرلمان الليبي بإقرار ميزانية ضخمة بهذا الرقم في ظل ما تعانيه البلاد من انقسام سياسي ووجود حكومتين في السلطة التنفيذية.
كما طالب محمد تكالة، رئيس المجلس الأعلى، في كتاب رسمي من محافظ المصرف الليبي المركزي عدم تنفيذ قانون الميزانية للعام الجاري لعدم مشروعيتها.
كما حمل تكالة محافظ المصرف المركزي المسؤولية القانونية والتاريخية والأخلاقية لما يترتب على هذا الأمر من تداعيات سياسية واقتصادية تزيد من تفاقم أزمة البلاد وتوسع هوة الخلاف.
في الإطار، قال عضو المجلس الأعلى للدولة سعد شراده، إنه ضد إصدار ميزانية في ظل وجود حكومتين، يجب على المصرف المركزي أن يتحمل مسؤوليته وأن يقوم بصرف الباب الأول المرتبات والباب الرابع للدعم.
وتابع شراده في تصريح خاص لـ “سبوتنيك”، الميزانية صدرت رغم إنها مخالفة للاتفاق السياسي لأن في مثل هذا القانون فإن استشارة المجلس الأعلى للدولة ملزمة، لأن المادة (12) حسب الاتفاق السياسي إن مجلس النواب هو السلطة التشريعية ولكن يشترك مع المجلس الأعلى للدولة في عدة قوانين من بينها قانون الموازنة العامة من حيث الميزانية.
وشدد عضو المجلس الأعلى للدولة على ضرورة لا يجب أن تصرف الميزانية في ظل وجود الحكومتين وفي ظل الانقسام السياسي الحالي.
من جهته يرى المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، أنه قبل الحديث عن الميزانية وإقرارها، مجلس النواب أقر ميزانية للحكومة الليبية المنبثقة عنه بقيمة 90 مليار ليبي، وجاء ذلك لكونها هي الحكومة الشرعية والتي جاءت عن طريق البرلمان وهي التي تحصلت على الثقة بعد نزعت الثقة من حكومة عبدالحميد الدبيبة، والآن يجتمع محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير مع المستشار عقيلة صالح وبعد هذا الاجتماع تفاجئ الجميع بأن مجلس النواب زاد قيمة الميزانية العامة إلى 88 مليار دينار بعد الـ90 مليار السابقة لتصبح الميزانية بقيمة 179 مليار دينار.
قرارات عشوائية
وأضاف العبدلي في تصريح خاص لـ “سبوتنيك”، “أي سوف تصرف هذه الميزانية على الحكومتين حكومة الدبيبة التي سحب منها مجلس النواب الثقة وحكومة حماد التي انبثقت عن المجلس، وقال نحن الآن أمام تناقض للقرارات من مجلس النواب وازدواجية في المعايير ولم يتم معرفة من هو الشرعي منهم الذي سوف يصرف له الميزانية”.
واعتبر أن مجلس النواب كان يقول بأن محافظ المصرف المركزي كان يقول بأنه محافظ غير شرعي، وصوت مجلس النواب لمحافظ آخر، محمد شكري، الذي تحصل على ثقة من مجلس النواب، وتم في ذات الوقت إقالة الصديق الكبير من مجلس النواب، والآن قام المستشار صالح ومجلس النواب بالتعامل مع الصديق الكبير وربما مع حكومة الوحدة الوطنية عندما قام بإقرار ميزانية موحدة للحكومتين، وربما لأول مرة تحدث في العالم أن تقر ميزانية لحكومتين في نفس البلاد.
وأكد أن هناك تضاربا في القرارات والقوانين وهذا دليل على أن هذه القرارات والقوانين أصبحت محط استهزاء وأصبحت حبر على ورق.
وأوضح أن ما يحدث الآن وما يفترض أن يقوم به مجلس النواب في أن يقوم في صف الشعب الليبي، وأن يقوم برفع مستوى المعيشة للمواطن الليبي وأن ينقض المواطنين من الفقر.
تدمير ممنهج
ويرى العبدلي أن هذا التناقض من المسؤولين الهدف منه هو تدمير ليبيا اقتصاديا، لا يوجد سبب آخر، لأنهم لا يريدون الرخاء للشعب الليبي، ولم يجتمعوا إلا من أجل مصالحهم الشخصية، كان الشعب ينتظر منهم حكومة جديدة، أو انتخابات أو إنهاء الانقسام السياسي، وإنما قاموا بترسيخ الانقسام السياسي، وفق كلماته.
وقال: “يبدو أن الانقسام السياسي سوف يبقى طويل في ظل صمت غريب للبعثة الأممية والسفارات التي نادت بتشكيل حكومة جديدة، وهذا ما يدل على أن التدخل الدولي هو من أجل التدمير الاقتصادي الليبي، وهذا دليل كبير على الفساد وأن مصرف ليبيا المركزي تشوبه شبهة فساد وولاء لدول أخرى”.
ويتساءل العبدلي عنما إذا كان المجلس الأعلى للدولة عارض هذه الميزانية من أجل مصلحة المواطن الليبي، أم من أجل الميزانية التي سوف يتم تسييلها للحكومتين بأنها سوف ترسخ الانقسام السياسي في البلاد، أم أنه اعترض على عدم استشارته فقط، الوضع الاقتصادي من الطبقة السياسية تدنى، لأنها اصبحت طبقة مجرمة عن طريق التلاعب بهذه القرارات والقوانين.
ولفت إلى أن المجلس الأعلى للدولة وحسب اتفاق الصخيرات فإن يقول قبل إقرار أي قانون يجب أن يُبدئ المجلس الأعلى للدولة رأيه وهو أمر ملزم، ويجب أن تقدم الميزانية بمقترح من الحكومة وهي الجهة التنفيذية ومن ثم مجلس الدولة ثم الاعتماد من مجلس النواب.
وأضاف: يبقى السؤال الأهم من هي الحكومة التي قدمت مقترح الميزانية، الحكومة التي سحبت منها الثقة، أم الحكومة الشرعية المنبثقة من البرلمان، وإذا كانت من حكومة حماد لماذا تم منح جزء منها لحكومة الدبيبة، ولكن يبدو أنها أعدت للنهب.
وأكد أن ما يريده الشعب حكومة موحدة وصولا للانتخابات، أما توزيع الأموال على حكومتين هو ترسيخ الانقسام، والجميع ليبيا دولة واحدة، ولكن عندما تجد الأطراف السياسية بأن هذا الموضوع مر على ما هو عليه فإن ذلك مؤشر على عدم وجود أي حكومة موحدة في المستقبل وربما انذار انقسام جغرافي، وأن أي تقسيم هو خيانة عظمى للبلاد والشعب.
وشدد على ضرورة ألا يعتمد على الليبيين على البعثة الأممية أو السفارات الأجنبية، ويجب أن تكون نهاية هذه الأجسام قريبة.
استمرار المعاناة
وعن حال الشعب والمواطن الليبي، قال العبدلي: “لن يتغير شيء على الشعب الليبي بعد إقرار هذه الميزانية وسوف يتم نهبها قبل نهاية العام، بسبب غياب السلطات الرقابية على الأطراف السياسية الحاكمة، ولأنها جاءت في وقت انقسام، وأن المصرف المركزي مشكوك في ولائه بسبب اجتماعاته الكثيرة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولم تدخل في معتركها أي دولة ونجحت، كونها جهات مشبوهة”.
وتخوف من التضخم الكبير بعد هذه الميزانية لأنه سوف يكون سبب كبير لإنفاق وسوف تزيد الضريبة، ومن ثم سيقوم المحافظ باللعب على الاحتياطي ومن ثم الاقتراض من صندوق النقد الدولي بسبب هذا الفساد، وسيكونون ساهموا في دمار دولة من أغنى الدولة في العالم من حيث احتياطات النفط.
وختم قائلا: “سوف تنهار ليبيا بسبب المحافظ والمستشار وكل المسؤولين الموجودين على الساحة الآن بما فيها ديوان المحاسبة، لأنهم أصبحوا يعملون على قيادة ليبيا للانهيار، ويجب على الشعب الليبي أن لا ينتظر شيئا من الأطراف الخارجية، ويجب أن يطالب الشعب الليبي بحكومة واحدة وبرلمان واحد وجيش واحد، ورجال يحكمون البلاد بعيدا عن الانقسام”.