أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال محمد الحويج أن الاقتصاد الليبي يمكن أن يتعافى على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه البلاد، وذلك عبر الاستفادة من الموارد المالية الكبيرة لليبيا.
الحويج وفي مقابلة مع “المجلة”،أوضح أنهم يعملون على تنويع الاقتصاد الوطني وعدم الاعتماد على النفط فقط وذلك بتطوير الأنشطة الزراعية،معتقدا أن الاقتصاد الليبي سيكون بعد 7 سنوات من أفضل الاقتصاديات.
وأشار إلى أن موقع ليبيا الجغرافي يعتبر ثروة في تجارة العبور، وفي الطاقة الشمسية، وفي قربها من أوروبا وقربها من أفريقيا،لافتا إلى أن وضعية ليبيا كفرصة استثمارية نادرة في منطقة البحر المتوسط وحتى في العالم الآن الفرصة متاحة لكل الدول.
وقال الحويج:”من يأتي الآن سيربح الآن… ومن يريد أن يربح فليأت إلى ليبيا”.
وفيما يلي نص المقابلة:
س/ هل كشفت كارثة درنة عن عمق الأزمة السياسية في ليبيا؟
ج/ الكوارث تحدث في كل الدول خصوصا بسبب السيول، لكن في ليبيا نعاني من خلل بسبب انقسام مؤسسات الدولة، وعدم الاستقرار السياسي، وتوقف المشروعات منذ عام 2010، وتوقف برامج الصيانة للسدود، وغيرها، وأيضا لعدم وجود موازنات تشريعية معتمدة، أدى ذلك ربما إلى ظهور الفساد، والفساد لا يعني الفساد المالي فحسب، بل يعني جرعات فساد كبيرة، وهذا مؤشر واضح على انقسام المؤسسات الليبية، وربما يؤدي هذا إلى بعض الأضرار مثل عدم صيانة السدود على سبيل المثال وتوقف المشروعات التنموية.
بدأنا رؤية جديدة، وهي تنويع اقتصادي وطني لا يعتمد على النفط، حيث نحاول تطوير الأنشطة الزراعية، وذلك يتركز في الأمن الغذائي، مثل إنتاج القمح، وإنتاج زيت الزيتون وإنتاج الحبوب، أو أنشطة صناعية.
وبدأنا في رؤية جديدة، وهي تنويع اقتصاد وطني لا يعتمد على النفط، حيث نحاول أن نرى الأنشطة الزراعية، وذلك يتركز في الأمن الغذائي، مثل إنتاج القمح، وإنتاج زيت الزيتون وإنتاج الحبوب. أو أنشطة صناعية، وهي التي تعتمد على المواد الخام الوطنية. ونحن نعرف أن موقع ليبيا الاستراتيجي يساعد في هذا الاتجاه، إضافة إلى أن ليبيا مواردها كثيرة وفي الرؤية الجديدة إن شاء الله، بعد سبع سنوات، أعتقد أن الاقتصاد الليبي سيكون من أفضل الاقتصاديات.
س/ هل ما زلتم تواجهون بيئة استثمارية صعبة بسبب الانقسام السياسي، رغم تعامل دول عدة وكبيرة مع حكومة الوحدة الوطنية؟
ج/ حاليا كل المجالات مفتوحة للشركات الأجنبية، سواء كانت أوروبية أو أميركية أو عربية. الآن نقدم لهم كل التسهيلات، سواء كانت أجنبية 100 في المئة، أو بالشراكة مع ليبيين، وخصوصا في التكنولوجيا.
موقع ليبيا الجغرافي يعتبر ثروة في تجارة العبور، وفي الطاقة الشمسية، وفي قربها من أوروبا وقربها من أفريقيا.
وضعية ليبيا كفرصة استثمارية نادرة في منطقة البحر المتوسط وحتى في العالم الآن الفرصة متاحة لكل الدول، فليس عندنا تحفظ على أي دولة أو أي نشاط بما في ذلك النفط، فالآن النفط متاح أيضا لاستثمار الشركات الأجنبية في التنقيب وغيره،وجميع المجالات مفتوحة والقانون ضامن وهناك حوافز كبيرة، والقانون 109/2010 بمواده المحصنة معروف على مستوى القوانين الدولية.
ليس هناك أولوية لأحد دون آخر، وتوجد ضوابط وشروط تضعها مؤسسة النفط.
س/ هل تحاول ليبيا رفع معدلات إنتاجها النفطي والوصول إلى المستويات الطبيعية خلال الربع الأول من العام المقبل؟
ج/ ننتج الآن مليونا ومئتي ألف برميل يوميا، وكانت منظمة أوبك قد حددت لنا حصتنا، وهي مليون وأربعمئة ألف برميل.
مؤسسة النفط كانت قد جعلت هدفها مليوني برميل على المدى القصير، فلا بد من أن نطور الآن حقولنا بحيث نصل إلى مليوني برميل، والهدف الأساسي هو ثلاثة ملايين برميل، لكننا نتكلم عن الهدف لفترة قصيرة،وهذا البرنامج حقا كان مؤثرا في التطوير؛ لذلك يُرحب بأي شركة تدخل معنا في الاستكشاف أو الحفر من أي دولة، وارتفاع أسعار النفط له آثار إيجابية على أي اقتصاد يعتمد على النفط؛ فهو يزيد الاحتياطي المالي،كما يساعد في تغطية النفقات.
كما قلت لك النفط والغاز يمولان 98 في المئة، يعني الموازنة الليبية تمول حاليا من النفط والغاز، وكلما زاد سعر النفط يزيد الإيراد وأيضا تزيد الاحتياطات المالية، فهذه سلعة نبيعها، وإذا زادت الأسعار لن نعترض بالطبع، فليبيا تدخل إعادة بناء وإعمار في كل المجالات خصوصا إعمار درنة؛ إذن لا بد من تمويل، فمن أين يأتي التمويل؟ إما من الموارد المحلية من النفط والغاز، وإما من القطاع الخاص، وإما من الاستثمار الأجنبي، وهناك ثلاثة موارد أساسية من البنوك الدولية، كالبنك الإسلامي، والبنك الأفريقي، والبنك الأوروبي، وهذا اليوم أحد مصادر التمويل.
س/ ما الأهداف الرئيسة التي تسعون لتحقيقها في السنوات الخمس المقبلة؟
ج/ عندنا ثلاثة أهداف:
أولا، الاستقرار السياسي، هذا رقم واحد، ودول العالم تساعدنا في الاستقرار السياسي الذي يؤدي إلى توحيد المؤسسات.
ثانيا، التنمية الاقتصادية، فالتنمية الاقتصادية تأتي بتنويع الاقتصاد؛ حتى لا نعتمد على النفط فقط.
إذن العالم الخارجي يعطيني الاستقرار، حتى أحقق التنمية الاقتصادية، والتنمية الاقتصادية يساهم فيها الاستثمار الأجنبي الذي نرحب به، والصناديق، والبنوك الدولية والعربية، كالبنك الإسلامي، والصندوق الكويتي، وغيرهما.
ثالثا، المجتمع الدولي يساعدنا بالمساهمة في الإدارة وتقديم رؤية… الرؤية المقدمة لمدة عشر سنوات لليبيا تعتمد على تنويع مصادر الاقتصاد، مثلما قلت، مثل الأنشطة الزراعية والصناعية والخدمات والبتروكيماويات، وهكذا.
وبسبب الفترة التي حدث فيها عدم استقرار في ليبيا يمكن لصناديق إعمار دولية أن تساهم معنا، مثل صناديق دول الخليج بالدرجة الأولى وهي مرحب بمساهمتها إما في استثمارات، وإما في صناديق إعمار بتمويل مشروعات البنية الأساسية الرئيسة.
نحن جزء من هذا العالم لذلك نطلب من دول الجامعة العربية ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية ودول مثل الصين أن تساهم معنا في إعادة إعمار ليبيا في جميع المجالات.
ندخل مرحلة الاستثمار ونرحب بالجميع، من يأتي أولا يربح أولا، ونحن نوجه كلامنا لدول الخليج؛ فعندنا الموانئ مثلا، وهذا استثمار نرحب به، وعندنا بعض القطاعات الصناعية؛ فليبيا بوابة عبورالى أفريقيا وأوروبا وبها مجالات كثيرة
س/ أعلن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، منذ عامين، انطلاق مشروع “عودة الحياة”، لبرامج ومشروعات التنمية في ليبيا، ما مصيره؟
ج/ لم يكن هناك استقرار في المرحلة السابقة، لكن اليوم عندنا مشاريع سمتها حكومة الوحدة الوطنية “عودة الحياة” لجميع المشروعات، فقد كانت هناك عقود كبيرة في السابق توقفت 2011-2010؛ فتركيا مثلا لديها عقود كبيرة ستعود لها، وحكومة الوحدة الوطنية تسعى الآن لإحياء كل المشروعات القديمة مثل السكك الحديدية والطرق السريعة والمطارات والإسكان وتطوير المدن والجامعات، هذه كلها تهدف لإعادة الإعمار، خاصة في العقود القديمة التي توقفت مع كوريا وإيطاليا وتركيا؛ فنحن الآن كحكومة وحدة وطنية نعيد الحياة لهذه المشروعات ونطور مشروعات جديدة، ومن المهم مشاركة القطاع الخاص ورأسماله، فنحن الآن انتقلنا من الاعتماد على الدولة إلى الاعتماد على القطاع الخاص سواء كان قطاعا خاصا محليا أو قطاعا خاصا أجنبيا بحيث ننهض في وقت قصير لأننا نريد توفير الوقت.
ولقد بدأنا في الوزارات المختصة – وزارة الاقتصاد، وزارة التخطيط، وزارة المالية – وضع رؤية لتنويع الاقتصاد بهدف تقليل مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي، فعندنا هدف أن يشكل النفط 40 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بدلا من 70 في المئة، وحتى النفط بدلا من بيعه كمادة خام نحوله الى منتجات صناعية، فكما تعلم بدأت الطاقات البديلة تنافس النفط، كالطاقة الخضراء، والطاقة الشمسية، وقد ركزنا على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، وبناء نصف مليون وحدة سكنية، والمطارات، وتجارة العبور والطرق؛ حيث نفكر في طريق بين مصراته والنيجر، وطريق من بنغازي إلى بورسودان. بالإضافة إلى استكمال الجامعات، والملاعب الرياضية. وهذه هي البنية الأساسية، أما موضوع القمح في الجنوب فنشجع القطاع الخاص في جنوب ليبيا، لنكتفي ذاتيا من القمح.
قطاع النفط أيضا كان ميتا؛ والآن بدأت الحياة تعود إليه والخدمات النفطية بعمالة ليبية.
س/ إذن يبدو أن من سيأتي أولا من المستثمرين إلى ليبيا اليوم سيربح أولا؟
ج/ نعم الآن ندخل مرحلة الاستثمار ونرحب بالجميع، من يأتي أولا يربح أولا، ونحن نوجه كلامنا لدول الخليج؛ فعندنا الموانئ مثلا، وهذا استثمار يجب أن نرحب به، وعندنا بعض القطاعات الصناعية؛ فليبيا بوابة عبور لأفريقيا وبوابة عبور لأوروبا وبها مجالات كثيرة، ونحن ننتظر لأن الجانب الاستثماري ما زال ضعيفا لذلك نشجعه.
في السابق كان كله حكوميا، لكن الآن نشجع القطاع الخاص، ونشجع كل الدول التي تستثمر في ليبيا في جميع المجالات ولا يوجد تحفظ على أي قطاع.
س/ ليبيا تتميز بالكثير من الثروات، ولكن ماذا عن الأمن في ظل انتشار الكتائب المسلحة الموالية لحكومتين في الشرق والغرب؟
ج/ حاليا نحن نستثمر في مناطق لديها ترتيبات، مثل المنطقة الحرة في مصراتة، والمنطقة الخاصة في بنغازي، وفي طبرق، كلها تعتبر آمنة ليس بها إشكال، حتى الجنوب آمن، نحن نعالج مشكلة رسخت في أذهانِ الكثيرين طوال السنوات الماضية، الآن بالعكس أي مكان مؤمن وبه من يؤمنه وكل التشكيلات المسلحة تؤمن هذه الأماكن خلاف السنوات الماضية، فالمستثمر مؤمن في أي مكان يختاره لمشروعه، كما أننا نؤمنه من الناحية القانونية.
في النهاية، أقول لك: من يأتي الآن سيربح الآن… ومن يريد أن يربح فليأت إلى ليبيا.
وكما ذكرت في البداية قطاع النفط أيضا كان ميتا؛ والآن بدأت الحياة تعود إليه والخدمات النفطية بعمالة ليبية؛ وقد وضعت مؤسسة النفط برنامجا واضحا وواعدا، كما أسلفت، تحت توجيهات رئيس الحكومة. وأيضا أحب أن أوكد مرة أخرى أن الاستثمار آمن، وكما ذكرت نحن نستثمر في مناطق وأيضا نشجع الاستثمار في مجالات أخرى، خاصة الزراعة.