الدكتور مسعود المهدى السلامي.
أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة.
في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها مصرف ليبيا المركزي لمعالجة مشكلة شح السيولة النقدية وتأخر صرف المرتبات،وتقديرا لحالة الضرورة، ، ولتخفيف الصعوبات المتعددة التي يواجهها المواطن، والمساهمة في تسهيل حركة المعاملات المالية اليومية، ومواجهة التحديات المالية التي تعاني منها البلاد منذ عدة سنوات أعلن مصرف ليبيا المركزي عن اطلاق خدمة القرض الحسن لتمكين المواطنين بالقيام بعمليات الشراء عبر وسيلة الدفع الاكتروني التي اعتمدتها المصارف التجارية الليبية والخاصة بالعملاء الذين ترد مرتباتهم بانتظام إلى المصرف، وبحسب قيمة المرتب، وبشرط ألا يزيد السقف المالي الممنوح للتسوق الاكتروني عن 60% من صافي قيمة المرتب الشهري للعميل.
وبعد خصم اي التزامات مالية إن وجدت. فإذا كان المرتب الشهري للعميل مثلا 2500 دينار ولم يصرف،وعليه قسط دين شهري 500 دينار ، فإن القيمة الخاضعة للقرض الحسن بعد خصم قيمة الدين هي 2000 دينار. حيت يمكن للعميل الشراء باستخدام وسيلة الدفع الاكتروني بما لايتجاوز 1200 دينار من هذه القيمة ،وبدون فوائد على أن تخصم السلفة مباشرة عند ورود المرتب مثلها
مثل السلف الممنوحة من جهات العمل الأخرى .
ويهدف مصرف ليبيا المركزي من وراء إطلاق خدمة القرض الحسن إلى تمكين الأفراد الذين يملكون حسابات جارية وفعالة ،وترد مرتباتهم بانتظام الى المصرف من القيام بعمليات التسوق والشراء بسهولة ويسر دون الحاجة إلى استخدام العملة الورقية
في المعاملات المالية،كما يهدف إلى التخفيف من عملية اللجوء المستمر لطباعة العملة الورقيه وهذه المبادرة حسب مايرى الخبير المالي مصباح العكاري تساهم في معالجة مشكلة شح السيولة، وتعمل على تقليل الازدحام على المصارف ،وتعود المواطن على الاخد بالاسابيب الحديثة والمتطورة في المعاملات المصرفية وبما يوفر عليه الكثير من الوقت والجهد.
كما تعكس مبادرة القرض الحسن اصرار الإدارة الجديدة لمصرف المركزي على التحول إلى خدمة الدفع الاكتروني، وزيادة وعي المواطن باهمية هذه الخدمة، واستخدامها في المعاملات المالية، والانتقال بالخدمة المصرفية في ليبيا إلى مصاف الخدمة المصرفية في الدول المتقدمة ،واحداث الاستقرار المالي في البلاد، وجعل المصارف التجارية الليبية تساهم في النهوض بالتنمية الشاملة في البلاد، وإيجاد حلول ناجعة تعيد التقة في المنظومة المصرفية. التي تأثرت وتدنت خدماتها إلى حد كبير
من جهة تانية، يبدي البعض تخوفه من أن تكون مبادرة القرض الحسن رسالة فشل للإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي حول عدم قدرته على وضع حلول جذرية وشاملة لمشاكل شح السيولة وتأخر صرف المرتبات. خاصة وأن المبادرة يشوبها بعض الغموض والسلبيات خاصة فيما يتعلق بالتنسيق بين المصرف المركزي والمصارف التجارية حول إطلاق هذه الخدمة، الى جانب بعض السلبيات الأخرى والتي قد تؤدي إلى فشل هذه المبادرة ومنها:
_ قد تتحول هذه المبادرة إلى عبء اضافي على المواطنين الذين يعانون اصلا من ضغوط مالية خانقة، وترتب عليهم التزامات مالية دائمة.
__ قد تتحول المبادرة في حالة عدم التزام المواطن بالظوابط المطلوبة إلى ديون متعترة يصعب على المصارف تحصيلها وبالتالي تؤدي إلى تآكل السيولة وتراجع أرباح المصارف التجارية.
__قد تؤدي المنظومة المصرفية المتهالكة التي تعاني من الفساد المالي وسوء الإدارة إلى فشل هذه المبادرة،خاصة في ظل عدم وضع المصارف الترتيبات اللازمة لتقديم هذه الخدمة.
__ مازالت الأسواق تتعامل بشكل كبير بالنقدي، ولايوجد حتى الان الزام لهذه الأسواق بقبول التعامل بالدفع الاكتروني ،كما أن البطاقات المصرفية لاتغطي احتياجات الجميع، وغالبا ماتواجه البطاقات المصرفية الأعطال المتكررة نتيجة تذبذب خدمة الإنترنت.
__اذا استخدم المواطنون هذه الأموال بشكل مبالغ فيه في السوق فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات مما قد يتسبب في حدوث تضخم اضافي يؤثر على بنية الاقتصاد الوطني.
_ لا تعتمد خدمة القرض الحسن على آلية سريعة ومنظمة وفعالة حتى تجعل المواطن يقبل عليها، ويشعر بجدوى الاعتماد عليها في إيجاد حل جدري لمشكلة السيولة وتأخر صرف المرتبات،ومازال لدى
المواطن قناعة بأن المنظومة المصرفية ضعيفة ومتهالكة ،ومستشري فيها الفساد مثلها مثل المؤسسات الأخرى في البلاد.
لقد فتحت مبادرة القرض الحسن بابا للجدل حول هل هي تعتمد على حلول مضمونة ،أم انها مجرد تجربة عشوائية تضاف لسلسلة اخفاقات اقتصادية سابقة،وبين هذا وذاك يعيش المواطن في دوامة لاتنتهي من الأزمات المتلاحقة.