يمنح لقاح الرنا مرسال من “فايزر/ بيو إن تك” حماية إضافية تُجنّب الأشخاص الذين سبق وأصيبوا بـ”كوفيد-19″ الإصابة مجدّدًا، وتُطيل مدة المناعة، بحسب ما توصّلت إليه دراستان نُشرتا في المجلة العلمية “New England Journal of Medicine”، الأربعاء.
وتُعطي الدراستان نظرة أعمق حول مفهوم المناعة المختلطة، لا سيّما لدى من سبق وأصيبوا بـ”كوفيد-19″ ويتمتّعون بـ”مناعة طبيعية”، ثم يتلقون المناعة التي يمنحها اللقاح.
وكشفت إحدى الدراستين التي أُجريت خارج إسرائيل بين 1 مارس و26 نوفمبر 2021، عندما كان متحوّر “دلتا” سائدًا في إسرائيل، أنّ بين الأشخاص الذين تعافوا من “كوفيد-19″، كانت الإصابة مجدّدًا أكثر شيوعًا بين من لم يتلقوا اللقاح بمعدل فاق أربعة أضعاف، مقارنة مع الأشخاص الذين تحصّنوا بعد الإصابة الأولية.
ورغم ذلك، فإن الدراسة التي شارك فيها أكثر من 149 ألف شخص سبق وأصيبوا بـ”كوفيد-19″، بيّنت أيضًا أنّ فعالية لقاح “فايزر” أدنى لدى البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا. وكان اللقاح أكثر فاعلية بنسبة بلغت 82٪ لدى من تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عامًا، لتتراجع فعاليته إلى 60٪ في الشريحة العمرية 65 عامًا وما فوق.
وأظهرت الدراسة أيضًا عدم وجود فارق كبير بفعالية اللقاح في حال تلقّى الأشخاص الذين أصيبوا سابقًا جرعة واحدة أو جرعتين، الأمر الذي يدعم الدلائل التي توصلت إليها دراسات أخرى، القائلة إنّ جرعة واحدة كانت كافية لحماية الأشخاص المصابين بـ”كوفيد-19″ سابقًا، من العدوى مرة أخرى.
وفي هذا الخصوص، قال شاين كروتي عالم الفيروسات والأستاذ بمركز الأمراض المعدية وأبحاث اللقاحات في معهد لا جولّا لعلم المناعة غير المشارك في الدراستين، لـCNN إنّه، “بالإستناد إلى نتائج البحث، سيكون عقلانيًا جدًا وضع سياسة في الولايات المتحدة الأمريكية تطلب من الأشخاص الذين سبق وأصيبوا بفيروس كورونا تلقي جرعة واحدة من اللقاح”.
ودعا رونين أربيل، المشرف على هذه الدراسة والباحث في النتائج الصحية بمركز “كلاليت” لخدمات الصحة في إسرائيل، المزيد من الدول إلى تبني سياسة مثل تلك التي اعتمدتها وزارة الصحة الإسرائيلية منذ مارس/ آذار 2021، عندما أوصت بتلقي جرعة واحدة من اللقاح لمن تعافوا من “كوفيد-19″، بعد ثلاثة أشهر من إصابتهم الأولية.
وقال أربيل لـCNN إنّه “إذا تعافيت من كوفيد-19، فهذا يوازي تلقيك الجرعة الأولى”، مضيفًا أنه “يتوجّب عليك تلقي اللقاح، لكن جرعة واحدة منه تكفي لأنها تُعد بمثابة جرعة معزّزة”.
أما الدراسة الثانية التي أجريت في المملكة المتحدة، فأظهرت أنّ المناعة تكون أطول لدى الأشخاص الذين تعافوا من عدوى “كوفيد-19″، قبل تلقي لقاح “فايزر”.
وحصل المشاركون في الدراسة، الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا بـ”كوفيد-19″، وتلقوا جرعتين من اللقاح، على مناعة من خطر الإصابة بالعدوى بعد شهرين من التطعيم، بلغت نسبتها 85٪. وتراجعت هذه النسبة إلى 51٪ بعد ستة أشهر على التحصين. وفي المقابل، حافظ من تلقوا اللقاح بعد تعافيهم من إصابتهم بـ”كوفيد-19″ على حماية تفوق نسبة 90٪ لمدة تزيد عن عام، بعد إصابتهم الأولية، وأكثر من ستة أشهر بعد تلقيهم اللقاح.
وقالت الدكتورة مونيكا غاندي، الرئيسة المساعدة لقسم فيروس متلازمة نقص المناعة المكتسبة والأمراض المعدية والطب العالمي في جامعة كاليفورنيا، في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، وغير المشاركة بالدراستين إنه “قد يُنظر إلى الفيروس برمته بشكل أو بآخر على أنه ينتج استجابات مناعية واسعة، إلى جانب تعميق هذه الاستجابة المناعية من خلال التطعيم، ما قبل أو ما بعد الإصابة، الأمر الذي يمنح مناعة فائقة”.
واستند البحث البريطاني إلى بيانات من دراسة “SIREN” عن العاملين في مجال الرعاية الصحية. وخضعَ للمتابعة أكثر من 35 ألف مشارك بين 7 ديسمبر 2020 و21 سبتمبر2021، وأجري لهم اختبار PCR كل أسبوعين. وكشف البحث أنّ خطر الإصابة بالعدوى بين الأشخاص الذين أصيبوا سابقًا، تراجع بنسبة 86٪، مقارنة مع خطر الإصابة الأولية لدى الأشخاص غير المحصنين. ورغم ذلك، تراجعت هذه الحماية إلى 69٪ بعد أكثر من عام على الإصابة، ما يشي إلى أن العدوى الأولية وحدها لا توفر مناعة دائمة.
وأوضح كروتي أنّ المناعة المختلطة تسمح للجسم بتكوين أجسام مضادة أكثر تنوعًا حتى يواجه متحوّرات متنوعة. ويحدث هذا الأمر أيضًا عند التحصين الكامل وتلقي الجرعة المعززة، لكنّه أسرع بعد الإصابة، ثم تلقي اللقاح.
وقال كروتي لـCNN: “للمناعة المختلطة فوائد إضافية عدة، إحداها ما تظهره الدراستان حاليًا، وهي الديمومة”.
ورغم أنّ الدراستين تدعمان الأدلة المتزايدة بأنّ المناعة المختلطة قد توفر حماية متزايدة ضد الإصابة بـ”كوفيد-19″ مستقبلًا، إلا أنّ أيًا منهما لا تتضمن بيانات تشمل متحور “أوميكرون” السريع الانتشار.
وأوضح أربيل في هذا الخصوص أنّ “خطر الإصابة الإجمالي من أوميكرون أعلى بكثير من ذلك الناجم عن دلتا. فهل اللقاح يحمي من أوميكرون؟ في وسعنا افتراض ذلك، لكننا لا نملك هذه البيانات حتى الآن”.