رجحت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) انخفاض إجمالي إنتاج الحبوب للعام 2024 في ليبيا بشكل كبير بسبب انهيار سدي درنة، متوقعة أن يكون التأثير على توافر الفواكه والخضراوات، خصوصًا عقب الاضطرابات الجوية التي مرت بها منطقة شرق البلاد في سبتمبر الماضي.
وسلطت «فاو» الضوء على بدء زراعة محاصيل الحبوب الشتوية للعام 2024 المقرر حصادها بدءًا من أبريل. فعلى الرغم من تلقي كميات من الأمطار الإجمالية أقل من المتوسط في أواخر 2023 في مناطق الإنتاج الرئيسية على طول الساحل، فقد اعتُبر توزيع هطول الأمطار مناسبًا، ما يوفر رطوبة كافية للتربة في الوقت المناسب للزراعة.
ولفتت المنظمة إلى تحسن الوضع الأمني الذي سهّل الوصول إلى الحقول، حيث أفاد مزارعون بأن انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار المدخلات، بما في ذلك البذور والمياه والوقود والآلات، لا يزالان يحدان من قدرتهم على زراعة الأراضي.
وحسب المنظمة الأممية، فإن نحو 12% فقط من إجمالي المساحة البالغة 15.4 مليون هكتار صالحة للزراعة في ليبيا، ويتعلق الأمر بـ470 ألف هكتار صالحة للري، إلا أنه لا يجرى ري سوى نحو 240 ألف هكتار حاليًا بسبب المخاوف من استنزاف المياه الجوفية.
أضرار فيضانات درنة
وقد خلّفت الأمطار في أوائل سبتمبر المتساقطة بغزارة على طول الساحل الشمالي الشرقي بسبب العاصفة المتوسطية «دانيال» خسائر وأضرارًا بالبنية التحتية أضرت بفرص كسب الدخل.
ومع أن السدين اللذين انهارا في درنة استخدما لأغراض الري، فإن صورًا عبر الأقمار الصناعية تشير إلى أن بعض الحقول في المنطقة كانت مروية قبل الانهيار، وهو ما يرجح انخفاض إجمالي إنتاج الحبوب للعام 2024 بشكل كبير بسبب انهيار السدين، في حين من المتوقع أن يكون التأثير على توافر الفواكه والخضراوات.
وكانت كميات الأمطار الإجمالية المتساقطة في مناطق الإنتاج الرئيسية على طول الساحل معتدلة، ويقدر إنتاج محاصيل الحبوب في العام 2023 عند مستوى قريب من المتوسط يبلغ 209000 طن، دون تغيير عن العام 2022.
وأكدت «فاو» اعتماد البلاد بشكل كبير على الواردات، بما يصل إلى 90%، لتغطية احتياجاتها من استهلاك الحبوب، ومعظمها من القمح للاستهلاك البشري والشعير للعلف. كما أن التغييرات في إنتاج الحبوب المحلي لها تأثير محدود على حجم الاستيراد. وفي السنة التسويقية 2023 /24 (يوليو/يونيو)، من المتوقع أن تبلغ متطلبات الاستيراد 3.1 مليون طن، وهو المستوى نفسه تقريبًا كما في العام السابق.
واردات القمح من أوكرانيا وروسيا في 4 أعوام
في المقابل، في الفترة بين العامين 2016 و2020 حصلت البلاد على أكثر من 30% من وارداتها من القمح من أوكرانيا، و20% من الاتحاد الروسي.
لكن بعد بداية الحرب في أوكرانيا، تحولت مصادر القمح نحو الاتحاد الروسي، ويرجع ذلك في الغالب إلى اعتبارات الأسعار. وبين الأعوام التسويقية 2021 /22 و2022 /23 تضاعفت واردات القمح من الاتحاد الروسي بأكثر من الضعف.
وعرجت الهيئة الأممية على الوضع الاقتصادي، مبينة أنه بعد انكماش على أساس سنوي بـ30% تقريبا في العام 2020 في القيمة الحقيقية، قدّر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الليبي نما بنحو 28% في العام 2021، مدفوعًا بتعزيز أسعار النفط العالمية وتحسن الاستقرار السياسي، قبل أن ينكمش 10% في العام 2022.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط الخام العالمية التي تفيد الاقتصاد الذي يعتمد على صادرات المواد الطاقوية، فإن عدم اليقين بشأن اضطرابات إنتاج النفط والتوترات الأمنية في أعقاب تأجيل الانتخابات الوطنية في ديسمبر 2021، المقرر إجراؤها مبدئيًا في ديسمبر 2023، يؤثر على البيئة الاقتصادية للبلاد.
بينما أدى ارتفاع أسعار النفط الخام والتحسن الطفيف في الوضع الأمني إلى انتعاش إنتاج النفط. ففي العام 2022، كان إنتاج النفط يوميًا متقلبًا بشكل خاص، حيث وصل إلى أقل من 200 ألف برميل بسبب الاحتجاجات في الحقول والموانئ وسط الأزمة السياسية. وفي نوفمبر 2023، بلغ الإنتاج اليومي 1.24 مليون برميل يوميا.
في نوفمبر 2023، جرى الحفاظ على سعر الصرف الرسمي عند 4.8 دينار ليبي/دولار واحد، في حين تجاوزت الأسعار في السوق الموازية 6 دنانير/دولار واحد. ومن المرجح أن يؤدي توحيد البنك المركزي إلى تضييق الفجوة بين أسعار السوق الرسمية والموازية. بينما سيظل معدل التضخم السنوي للأغذية في أدنى مستوياته في المنطقة دون الإقليمية بسبب الاستخدام الواسع النطاق لدعم المستهلكين، الذي سجل 3.36% في يوليو 2023.