يترقّب جُلّ الليبيين إعلان المحافظ الجديد للمصرف المركزي، ناجي عيسى، عن الأسماء التي اختارها لإدارة المؤسسة المالية خلال فترة وجيزة، مع انتهاء المهلة الممنوحة له للقيام بهذه المهمة.
وبينما تُجرى مشاورات واسعة بشأن عملية الاختيار، تداول متابعون للأوضاع الاقتصادية بعض الأسماء التي يتوقع أن يضمها عيسى لمجلس الإدارة، فيما يتصارع أفرقاء الأزمة لضم ممثلتَين لهم في المجلس المرتقب.
بدايةً، تحدّث عضو اللجنة المالية في مجلس النواب الليبي، خليفة الدغاري، عن احتمال تعرّض عيسى لضغوطات وتحديات بشأن تشكيل مجلس إدارة المصرف، وتوقّع أن يكون المحافظ الجديد ونائبه مرعي البرعصي قد أمضيا الأسبوعين الماضيين في مشاورات موسّعة مع القوى السياسية كافةً، بشأن تشكيل المجلس تفادياً لأي معارضة.
وبشأن الخلافات المتوقعة يرى الدغاري أنه «من الصعب إتمام أي اتفاق في ليبيا بعيداً عن المحاصصة بين الأفرقاء السياسيين؛ فضلاً عما يتردد عن وجود استشارات قُدِّمت من بعض السفارات الغربية والإقليمية حول هذا الأمر أيضاً».
وبرغم ترحيبه بالاتفاق الذي توصّل لاختيار محافظ جديد للمصرف، فإن المجلس الرئاسي يتمسّك بضرورة اضطلاعه باختيار مجلس إدارة المركزي، وفي هذا الإطار لا يستبعد الدغاري اشتعال المعركة مجدّداً حول المصرف، إذا لم يتم التوافق على القائمة التي جرى إعدادها لتشكيل الإدارة الجديدة، كما شدّد المجلس الرئاسي على أن تعيين مجلس إدارة المصرف يدخل في نطاق صلاحياته.
وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى: «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية: مكلّفة من البرلمان، وتُدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حماد.
وبدوره، اقترب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، من الطرح السابق، متوقعاً حدوث «صفقة لتقاسم إدارة المصرف قد تترجَم باختيار أعضاء مجلس إدارته بين الأطراف المتنازعة».
كما توقع زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، احتمال أن تكون عملية اختيار مجلس إدارة المصرف بوابة لتدشين حلقة جديدة من التصعيد المتبادل بين المجلس الرئاسي والبرلمان.
أما عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، فاستبعد وجود اعتراض قوي لأي طرف ليبي، بعد اعتماد الأسماء التي تم ترشيحها لمجلس إدارة المصرف، والتي ينظر فيها مجلس النواب، لكنه أعرب عن قلقه لما يتردّد عن وجود شخصيات محسوبة على تنظيم جماعة «الإخوان» مرشّحة لتولّي مقاعد بمجلس إدارة المصرف، وقال إن «هذا أمر يجب الانتباه إليه».
بالنسبة للمحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، فإن الصلاحيات الكبيرة والهامة لمجلس إدارة المصرف المركزي «هي مَن تقف وراء احتدام الصراع على مقاعده»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن القرارات التي كانت تصدر عن تلك المؤسسة المالية، التي تُعنَى بإدارة عوائد النفط، «كانت منحصرة في يد الصديق الكبير، المحافظ المقال، خلال المدة التي قضاها بموقعه»، مضيفاً أن الوضع الآن تغيّر، حيث «سيضطلع أعضاء المجلس الجديد مع المحافظ بوضع السياسات النقدية، من تحديد سعر الدينار، وتقييم الاعتمادات». ومؤكداً أن المناكفات حول مجلس إدارة المصرف، «تُعدّ أمراً حتمياً»، لكنه توقع «عرقلة ممارسة مهامه إذا لم ينَل رِضا أغلب القوى السياسية والفاعلة على الأرض».
يُشار إلى أن مجلس إدارة المصرف المؤقت، الذي عيّنه المجلس الرئاسي عقب إطاحته الكبير، ضم شخصيات مقرّبة من القوى السياسية كافةً، بما في ذلك البرلمان والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي.