أبرز تقرير نشرته منصة «إي يو ريبورتر» الإخبارية الاهتمام الإيطالي المتنامي بزيادة الاستثمارات داخل ليبيا في قطاع الطاقة والنفط، وتعزيز التعاون فيما يتعلق بمكافحة تدفقات الهجرة غير النظامية على الرغم من تحديات الوضع الداخلي، ولا سيما التحديات الأمنية والسياسية.
وبحسب تقرير نشرته المنصة الأوروبية، أمس السبت، أظهرت إيطاليا اهتماما أكبر بتوقيع صفقات جديدة في مجال النفط والغاز الطبيعي مع ليبيا، وكذلك في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية.
أشار التقرير إلى التعافي المستمر في إنتاج النفط من ليبيا، ليسجل المستوى الأعلى منذ 11 عاما عند 1.4 مليون برميل يوميا، وكذلك الإعلان عن جولة تراخيص نفطية جديدة، التي ستشمل 22 منطقة، للبحث والتنقيب، وهو ما سيدفع الإنتاج النفطي إلى مزيد من الزيادة خلال العام 2025.
تلك التطورات تعكس، حسب التقرير الأوروبي، تحسن مناخ الاستثمار في ليبيا بعد 13 عاما كاملة من الاضطرابات السياسية والمؤسسية. وعلى مدى السنوات الأخيرة، أظهرت الأطراف المتنافسة في شرق وغرب البلاد رغبة في الالتزام بالحلول السياسية، مما يشجع عودة الاستثمارات الأجنبية، خصوصا في قطاع النفط والغاز الطبيعي.
وقد وقعت شركة «إيني» النفطية الإيطالية، نهاية العام 2023، صفقة بثمانية مليارات دولار مع المؤسسة الوطنية للنفط، تهدف إلى تعزيز إمدادات الطاقة إلى أوروبا.
ومنذ وقتها، عملت ليبيا وإيطاليا على تعزيز التقارب بينهما، حيث أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، أربع زيارات استثنائية إلى ليبيا منذ توليها المنصب، وهو ما يؤكد التزام روما بتوسيع الشراكة مع ليبيا على مختلف الأصعدة.
تحديات الوضع الداخلي
مع ذلك، يرى مراقبون أن «إيطاليا تتجاهل المخاطر المرتبطة بالاستثمار في ليبيا خلال مسعاها لأن تصبح مركزا لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا».
وقد تحدث تقييم أخير صادر عن وكالة الاستخبارات الجيوسياسية والأمنية البريطانية الخاصة «دراغونفلاي» عن مخاوف متزايدة بشأن احتمال عودة الصراع المسلح في ليبيا خلال العام المقبل.
وقال: «مع استمرار العداء بين الشرق والغرب، فإن إضعاف حكومة (الوحدة الوطنية الموقتة) في طرابلس بسبب المشاعر المناهضة للحكومة وتدهور الأمن قد يشجعان المشير خليفة حفتر لشن هجوم جديد على طرابلس».
كما يشير الرئيس التنفيذي للفرع الإيطالي لمعهد «ميلتون فريمان»، أليساندرو بيرتولدي، إلى أن إنتاج النفط والغاز في ليبيا يتأثر بشكل متكرر بعدم استقرار البلاد، والتنافس بين الفصائل السياسية.
وعّد «الإغلاق الأخير للمنشآت النفطية، الناجم عن أزمة اشتعلت حول إدارة المصرف المركزي أغسطس الماضي، ليس سوى أحد الأمثلة العديدة على التلاعب بسوق الوقود والطاقة، لتحقيق مصالح سياسية».
«الفيلق الأوروبي» في ليبيا
غير أن التقرير الأوروبي استبعد أن تخاطر إيطاليا بمشروع اقتصادي طويل الأمد دون تقييم دقيق للوضع في ليبيا. ونقل عن مصادر أمنية إيطالية أن «أحد العناصر الرئيسية لاستراتيجية إيطاليا في ليبيا كان تشكيل قوة عسكرية مشتركة، تُعرف في وسائل الإعلام باسم الفيلق الأوروبي».
وقد ذكر وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، «الفيلق الأوروبي» للمرة الأولى في أبريل الماضي، حينما تحدث عن خطط أوروبية لإنشاء قوات مسلحة مشتركة مع القوات الموالية لحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة». وقد شوهد في ليبيا بمناسبات مختلفة منذ ذلك الحين. وعلى الأغلب، سيرتبط نشاط «الفيلق الأوروبي» بتأمين عمليات النفط والغاز.
وقال تقرير «إي يو ريبورتر»: «دعم القوة الأوروبية للعمليات الإيطالية في مجال النفط والغاز الطبيعي سيساعد في تحييد المخاطر التي يشكلها انعدام الاستقرار الداخلي على خطط روما لتأمين تدفق مستقر من الغاز الطبيعي من ليبيا».
وتساءل: «هل ستظل العمليات العسكرية الإيطالية في ليبيا غير ملحوظة، ولا سيما في ظل المعركة الدائرة على النفوذ؟»، مستبعدا أن «تتجاهل تركيا، باعتبارها الشريك الدولي الرئيسي للحكومة في طرابلس، الوجود العسكري غير المنسق لإيطاليا في مجال اهتمامها».
وأضاف: «علاوة على ذلك، فإن القدرات الاقتصادية والعسكرية المتنامية للفصائل المدعومة من الغرب قد تستفز حفتر، المدعوم من روسيا، لشن هجوم أو وقف إنتاج النفط والغاز بشكل كامل. وبالتالي، فإن الدعم الذي تعتمد عليه إيطاليا في شكل الفيلق الأوروبي قد يصبح سبب سقوط نفوذها في ليبيا».