استقبل الليبيون عيد الأضحى المبارك وسط مشاكل عديدة، أبرزها انعدام السيولة وانخفاض المرتبات وتأخرها وعدم كفايتها. لكن المشكلة الأبرز أن أسعار الأضاحي تراوحت بين 1500 دينار و4000 دينار؛ أي بين 300 دولار أمريكي و800 دولار. وهذا هو العام الأول الذي تصل فيها أسعار الأضاحي إلى هذا الحد المرتفع بعد أن رفعت الحكومة يدها جزئياً، وتخلت عن دعم الأعلاف.
يعود سبب ارتفاع أسعار الأضاحي بهذا الشكل المفرط إلى ارتفاع أسعار الأعلاف التي وصلت إلى 280 ديناراً للقنطار الواحد، في حين أن الشركة الوطنية للمطاحن والأعلاف أفادت من خلال صفحتها الرسمية في أبريل/ نيسان الماضي، بتوافر أعلاف تسمين خاصة بالأغنام للمربين بـ 160 ديناراً للقنطار الواحد.
وشهد سوق اللحوم في ليبيا ارتفاعاً عاماً في الأسعار خلال الأشهر الستة الماضية. وحسب إحصاءات العام الماضي، تستهلك البلاد ما بين مليون ومليون ومئتي ألف رأس من الأغنام خلال فترة عيد الأضحى.
وزار سكان طرابلس في الأيام الأخيرة أسواق الماشية حتى يتمكنوا من شراء خرافهم في الوقت المناسب ويتزودوا باحتياجاتهم الضرورية التي تدخل في تحضير مختلف الأطباق التي ستكون في قائمة أكلات العيد. وقد تحولت العاصمة خلال الأيام الأخيرة إلى معرض ضخم للماشية مع انتشار عشرات نقاط البيع في مختلف الأحياء عشية العيد، في وقت غيرت فيه الأسواق الأسبوعية للماشية نظامها الدوري وأصبحت تفتح أبوابها كل يوم طوال الأسبوع السابق ليوم العيد.
وبرزت أيضاً أسواق جديدة هنا وهناك بالقرب من الأحياء السكنية للعاصمة الليبية وضواحيها، وذلك أمام أعين عناصر الحرس البلدي الذين يتعاملون بالمناسبة بتسامح مع هذه الأسواق لتسهيل حصول المواطنين على أضحية العيد.
ورغم أن مرتب المواطن الليبي شهد تحسناً جزئياً مقارنة بالسنوات السابقة، خصوصاً مطلع العام الجاري، فقد رفعت حكومة الوحدة الوطنية المرتبات، وفق جدول موحد، فزادت مرتبات القطاع الحكومي من 120 دولاراً إلى 300 دولار. ثم اعتمد رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، الجدول الموحد للمرتبات، مع تولي وزارة المالية تحديد الأثر المالي لتنفيذ هذا القرار. ومنذ اعتماد الجدول، خاطبت وزارة المالية الجهات الممولة من الميزانية العامة من أجل إرسال بيانات العاملين لديها من أجل مطابقتها، وصرف المرتبات وفق الجدول الموحد.
وعلى الرغم من غياب السيولة النقدية في المصارف، فإن تجار الأضاحي علقوا لوحات تشير إلى قبولهم بيع الأضاحي بواسطة البطاقات المصرفية. لكن المواطنين لا يرون المشكلة في عدم توفر السيولة النقدية فقط، بل في عدم حصولهم على رواتبهم المتأخرة بسبب الخلافات القائمة بين وزارة المالية في حكومة الوفاق الوطني، والبنك المركزي.
وسبق أن كشفت مصادر من وزارة الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية عن مساع لاستيراد 600 ألف رأس من المواشي لتغطية احتياج السوق المحلية، وخفض الأسعار، وتوفير أضاحٍ لعيد الأضحى المبارك.
وأكد وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، وصول سفن محملة بالأغنام والعجول الحية إلى موانئ بنغازي والخمس وطرابلس، حيث تقدر حمولتها بـ 144 ألف رأس من الأغنام والأبقار.
وأشار إلى أن سفناً ستصل تباعاً إلى الموانئ الليبية، مما سيوفر فائضاً من الأغنام الحية في السوق الليبية، معرباً عن اعتقاده أن وصول هذه الشحنات سيؤدي إلى انخفاض الأسعار أو على الأقل استقرارها في المرحلة المقبلة، ومستبعداً أي زيادة في الأسعار مع قرب عيد الأضحى المبارك.
وعزا البعض سبب عدم قدرة المواطن على شراء الأضحية إلى تقصير الحكومة في توفير السيولة وضعف المرتبات وعدم صرفها حتى الآن، فيما رأى آخرون أن السبب يعود لتجار ومربي الأغنام الذين يتحكمون بالسعر.
ومهما بلغت حدة تلك الأزمات التي يواجهها الليبيون فلا يزالون يتمسكون بإحياء طقوسهم التي توارثوها جيلاً بعد جيل، حيث تبدأ التجھیزات للعید قبل أيام معدودات من حلوله، بتجهيز المنازل لاستقبال الزائرين، وشراء لوازم العيد وفي صدارتها الذبيحة، ويحرص المغتربون على قضاء العيد مع ذويهم، لمشاركتهم الفرحة بالعيد. ولطقوس عيد الأضحى في ليبيا،عديد الوجوه، منها قيام الأمهات بتكحيل عين الأضحية، خصوصاً الخراف، وإشعال البخور، والدوران بها في أطراف المنزل، مع ترديد الأذكار والصلوات على رسول الله.
القدس العربي