قال الخبير الاقتصادي دكتور أحمد أبولسين إن الخطوات التي اتخذها المصرف المركزي بشأن تقليص الواردات من الخارج للمحافظة على استخدامات النقد الأجنبي هي خطوة صحيحة لكنها تحتاج إلى سياسات مصاحبة لها من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وأوضح دكتور أبولسين وهو عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس سابقًا، في تصريح إلى «بوابة الوسط»، أن المطلوب هو رفع القدرة الشرائية للدينار عبر إعادة النظر في سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية وصولًا إلى السعر التوازني، بالإضافة إلى خفض عرض النقود خارج القطاع المصرفي، بإلغاء وحدات نقدية منه كورقة العشرين دينارًا أو الخمسين دينارًا من خلال خطة زمنية، مشيرًا إلى أن حجم العملة الليبية المتداولة في السوق وصل إلى 43 مليار دينار بنهاية العام الماضي.
أزمة سيولة نقدية وليست مصرفية
وأضاف أن الجهاز المصرفي الليبي يعاني من أزمة سيولة نقدية وليست سيولة مصرفية، بمعنى ليس قصورًا في عرض النقد بقدر ما هو قصور في تداول النقد، جاءت هذه الأزمة نتيجة لجوء المواطن للاكتناز (الاحتفاظ بالعملة بدلا من الودائع المصرفية) وهي أزمة ناجمة عن سببين الأول والأهم يكمن في فقدان الثقة في الجهاز المصرفي نتيجة التخوف من عدم استقرار الظروف الأمنية، والثاني عدم وضوح الرؤية بشأن دور الدولة ومقدرتها على إعادة الاستقرار في الأجل القصير، معتبرا ذلك «أمر طبيعي خصوصًا في المجتمعات غير المؤسساتية».
ودعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة إلغاء الفئات النقدية منها 15.4% عملة ورقية من فئة الخمسين دينارًا و25.1% من فئة العشرين من حجم العملة الموجودة في التداول، وبالتالي تسهم في تخفيض الكتلة النقدية بنسبة 40.5%.
وأشار إلى أن المصرف المركزي لن يقوم بطباعة أوراق «بنكنوت» جديدة، بل إلغاء الوحدة النقدية لمحاصرة السيولة في السوق، لأن معدلاتها الطبيعية نحو 7 مليارات دينار والآن تصل إلى 43.15 مليار دينار عملة لدى الجمهور. وعند إلغاء بعض الفئات النقدية، وبالتزامن مع رفع القوة الشرائية للدينار عبر تعديل سعر الصرف بالتخفيض سعر الدولار لدى مصرف ليبيا المركزي، سوف ترجع نحو 40% من العملة إلى خزائن مصرف ليبيا المركزي.
تراجع الدولار ثم ارتفاعه
وشهد سعر صرف الدولار انخفاضًا بسيطًا في السوق الموازية خلال الأيام الماضية بالتزامن مع افتتاح منظومة النقد الأجنبي للاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية والحوالات السريعة، ولكن سعره عاد وارتفع هذه الأيام وصولًا إلى 6.75 دينار للدولار، بينما بلغ سعره لدى مصرف ليبيا المركزي بـ4.85 دينار للدولار.
وأطلق مصرف ليبيا المركزي، منصة حجز العملة الأجنبية للأفراد، بعد ساعات من إعلان مجموعة ضوابط لشراء النقد الأجنبي للأغراض الشخصية، وتحديد مبلغ قدره أربعة آلاف دولار أو ما يعادله من العملات الأخرى كحد أقصى لما يجرى بيعه للشخص الواحد من خلال جميع المصارف العاملة في ليبيا.
مصيدة السيولة تشكل ضغطًا على العملة
ويشكِّل الواقع الاقتصادي و«مصيدة السيولة» ضغطًا على سعر العملة المحلية التي تواصل تراجعها أمام العملة الأميركية، في ظل محدودية الموارد التي يشكل النفط مصدرًا رئيسيًا لها، فضلًا عن الانقسام السياسي وانسداد عملية التوافق بشأن الانتخابات.
يشار إلى أن احتياطات ليبيا من النقد الأجنبي قفزت إلى 82.2 مليار دولار خلال العام 2023، وفق بيانات مصرف ليبيا المركزي، وتتوزع الأصول الأجنبية بين عملات أجنبية ومساهمات دولية وأصول أخرى، بالإضافة إلى المحفظة الاستثمارية وإجمالي أصول صادرات العملة.
وتغطي الاحتياطات واردات ليبيا لمدة 28 شهرًا، في حين كانت ليبيا تغطي ضعفي هذه الفترة قبل سنة 2013، بما يوازي 56 شهرًا. ويبرز هنا سبب عدم إعادة النظر في سعر الصرف العملة الليبية في ظل تحسن مؤشرات النقد الأجنبي.
وفي العام 2021، قرر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي تعديل سعر الصرف مجددًا برفع قيمة الدينار، لينخفض سعر الدولار من 4.48 إلى 4.23 دنانير، ثم ارتفع إلى 4.8 دينار السعر الرسمي للعملات الأجنبية.