يرسو عدد من سفن شحن الحاويات في البحر الأحمر وأوقف عدد آخر أنظمة التتبع لديه، بينما يعدل التجار مسارات رحلاتهم وأسعارها بسبب الهجمات الحوثية.
وأثارت الهجمات التي وقعت في الأيام الماضية على السفن في طريق الشحن الرئيس في البحر الأحمر الرابط بين شرق العالم وغربه مخاوف من تعطل التجارة الدولية مجددا على غرار ما حدث في أعقاب الاضطرابات الناجمة عن جائحة كوفيد – 19.
ووفقا لـ”رويترز”، قالت شركات شحن كبرى، وشركة النفط الكبرى إنها ستتجنب طريق البحر الأحمر وستغير مسار رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح الذي يمر بالجزء الجنوبي من إفريقيا.
لكن عديدا من السفن لا تزال تبحر في الممر المائي. وأظهرت بيانات من “إل.إس.إي.جي” وجود حراس مسلحين على متن عدد من السفن التي تبحر حاليا. وجاء في البيانات أن ما لا يقل عن 11 من سفن الحاويات التي مرت عبر قناة السويس وتقترب من اليمن حاملة سلعا استهلاكية وحبوبا لدول مثل سنغافورة وماليزيا، ترسو الآن في البحر الأحمر.
وأظهرت البيانات أن أربع سفن حاويات تابعة لشركة “إم.إس.سي” في البحر الأحمر أوقفت تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال لديها منذ الأحد، حتى لا يرصد أحد مكان وجودها على الأرجح. وقال إيوانيس باباديميتريو، كبير محللي الشحن في فورتيكسا، إن بعض السفن تحاول إخفاء مواقعها عن طريق إرسال إشارات تظهر أنها في مواقع أخرى كإجراء احترازي عند دخول الساحل اليمني.
وتقول مصادر إن مدى تأثر التجارة العالمية سيتوقف على مدة استمرار الأزمة، لكن أقساط التأمين والطرق الأطول ستشكل أعباء آنية.
وقال مشتر آسيوي لمادة النفتا البتروكيماوية التي تصدرها أوروبا، إن السفن التي تنقلها لا تزال تستخدم طريق البحر الأحمر، مشيرا إلى أن عملية إعادة توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح ستستغرق ما بين سبعة و14 يوما إضافيا.
وقال سماسرة بحريون إن بعض مالكي ناقلات النفط يدخلون بندا جديدا لإدراج خيار رأس الرجاء الصالح في عقود الشحن التي يبرمونها كإجراء احترازي. وقال مصدر مطلع بشركة ساينياو اللوجستية التابعة لشركة علي بابا إن أوقات تسليم الشحنات ورسوم الشحن قد تزيد قليلا، لكن عامة فإن عملية إعادة توجيه السفن لن يكون لها تأثير يذكر على الأعمال.
توقف شركات الشحن
أعلنت مجموعة الشحن الفرنسية “سي.إم.إيه-سي.جي.إم” في 16 ديسمبر أنها أوقفت مؤقتا جميع شحنات الحاويات عبر البحر الأحمر في أعقاب الهجمات على السفن التجارية في المنطقة.
فيما قالت شركة ناقلات النفط البلجيكية في 18 ديسمبر إنها ستتجنب المنطقة لحين إشعار آخر.
في حين ذكرت شركة شحن الحاويات التايوانية إيفرجرين في 18 ديسمبر أنها أصدرت تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
وأضافت إيفرجرين أن السفن المتوجهة لموانئ المنطقة ستبحر إلى المياه الآمنة القريبة وتنتظر إشعارا آخر، بينما ستتم إعادة توجيه سفن الحاويات التي من المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر حول رأس الرجاء الصالح لمواصلة رحلاتها إلى الموانئ.
بينما أوضحت مجموعة فرونت لاين لناقلات النفط ومقرها النرويج في 18 ديسمبر أن سفنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن في الفترة المقبلة، ما يزيد من الرسوم التي يتعين على العملاء دفعها مقابل نقل الخام.
أما شركة شحن الحاويات الألمانية هاباج لويد، فذكرت يوم 18 ديسمبر أنها ستحول مسار عديد من السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح لحين ضمان سلامة العبور من قناة السويس والبحر الأحمر.
بينما قالت شركة شحن الحاويات الكورية الجنوبية إتش.إم.إم في 19 ديسمبر إنها أمرت منذ 15 ديسمبر جميع سفنها القادمة من أوروبا التي عادة ما تمر من قناة السويس بأن تغير مسارها إلى رأس الرجاء الصالح لفترة زمنية غير محددة.
وبحسب “الفرنسية”، أكدت شركة أيه.بي مولر-ميرسك الدنماركية يوم 15 ديسمبر أنها ستوقف جميع شحنات الحاويات عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر وذلك في أعقاب إفلات سفينتها ميرسك جبل طارق “بأعجوبة” من حادث في اليوم السابق.
وبحسب بيان صدر عن الشركة، علقت ميرسك حتى الإثنين رحلات نحو 20 سفينة حيث ينتظر نصف هذه السفن شرقي خليج عدن في حين ينتظر النصف الآخر جنوبي قناة السويس في البحر الأحمر أو إلى الشمال منها في البحر المتوسط.
وقالت ميرسك في البيان “نحن سعداء برؤية الجهود المشتركة في مجال الأمن البحري الدولي وتعزيز القدرات في المنطقة لإيجاد حل يمكن من العودة للعبور في المستقبل القريب من منطقة البحر الأحمر وخليج عدن ومن قناة السويس”.
وأضافت “في الوقت نفسه، فإن توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيحقق نتائج أسرع وأكثر إمكانية للتنبؤ بها بالنسبة لعملائنا وسلاسل التوريد الخاصة بهم”. وتابعت أن الرحلات البحرية المستقبلية المخطط لها عبر المنطقة سيتم تقييمها كل حالة على حدة لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراء تعديلات.
في السياق، أوضحت شركة البحر المتوسط للشحن “إم.إس.سي” في 16 ديسمبر أن سفنها لن تمر عبر قناة السويس وأن بعضها تم تحويل مساره بالفعل لرأس الرجاء الصالح بعد يوم من إطلاق الحوثيين صاروخين باليستيين على سفينتها إم.إس.سي بالاتيوم3. وذكرت المجموعة التي مقرها سويسرا أن القرار سيعطل جدول الملاحة لعدة أيام.
في حين قالت شركة ولينيوس فيلهلمسن النرويجية في 19 ديسمبر إنها ستوقف جميع رحلاتها في البحر الأحمر حتى إشعار آخر. وذكرت أن تغيير مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح سيزيد زمن الرحلات من أسبوع إلى أسبوعين.
وأيضا بينت شركة الشحن البحري التايوانية يانج مينج في 18 ديسمبر أنها ستحول مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر وخليج عدن إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين في ظل تصاعد الهجمات على السفن.
تهديد التجارة العالمية
من جانبها أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر تمثل تهديدا لحرية التجارة العالمية، بالتزامن مع تصريحات حوثية بأن الحركة ستواصل هجماتها في البحر الأحمر وقد تشن عملية بحرية كل 12 ساعة تقريبا.
وبحسب “رويترز”، قال الناطق الرسمي باسم البنتاجون في بيان إن لويد أوستن وزير الدفاع الأمريكي الذي يزور المنطقة “أدان هجمات الحوثيين على الشحن البحري الدولي والتجارة العالمية ووصفها بأنها غير مسبوقة وغير مقبولة مشيرا إلى أن الهجمات تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحارة الأبرياء للخطر”.
وعقد الوزير أوستن اجتماعا وزاريا افتراضيا “مع الوزراء ورؤساء الأركان وممثلين رفيعي المستوى من 43 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لمناقشة التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر”.
وفي سياق متصل نفى عوزي إسحاقي رئيس شركة موانئ إسرائيل المملوكة للحكومة، أمس، وجود أي خطر من تعرض إسرائيل لحظر شحن بسبب الهجمات، قائلا إن الجزء الأكبر من الواردات المنقولة بحرا يأتي من الغرب وليس عبر البحر الأحمر.
وفي كلمته أمام مؤتمر، قال إنه لم تحدث بعد زيادات كبيرة في أسعار البضائع الواردة وإنه يتوقع عدم نقص إمدادات السلع الأساسية مثل الوقود والغذاء.
سفن شحن تخفي مواقعها في البحر الأحمر ..
- كتبه، نور الدين فردي
- بتاريخ، ديسمبر 20, 2023
- 11:48 ص