تواصل أسعار النحاس صعودها لتصل حاليا إلى أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2022، ويراهن المستثمرون على أن المعروض العالمي من المعدن سيكون أقل من الطلب، ما يعنى أن مزيدا من الارتفاع السعري قادم لا محالة.
فصدمة العرض التي وقعت في أواخر العام الماضي، وزيادة الاستهلاك العالمي عن التوقعات أسهمتا بشكل ملحوظ في ارتفاع الأسعار.
وهنا قال لـ”الاقتصادية” دي.جيري المحلل المالي في بورصة لندن، “إن ارتفاع معدلات التضخم على المستوى الدولي دفعت بالمستثمرين إلى التحول للسلع الأساسية وفي مقدمتها النحاس كوسيلة للتحوط ضد المخاوف من التضخم، يضاف إلى ذلك الزيادة في الواردات الصينية بنسبة 6.9 % في الربع الأول من هذا العام مقارنة بالعام الماضي”.
منذ بداية العام حتى الآن ارتفعت العقود الآجلة في بورصة لندن للمعادن بأكثر من 11 %، وقفز النحاس بما يصل إلى 2.7 %، بحيث بلغ الطن يوم الجمعة 9590.50 دولار. هذا الوضع الإيجابي في أسعار النحاس جعل صناديق التحوط تزيد من مخزونها ليبلغ الآن أعلى مستوى منذ فبراير 2021.
من جانبه، ذكر لـ”الاقتصادية” سيمون دين الباحث في صندوق أكسفورد اسستن مانجمنت أن “تركيز المستثمرين ينصب على مظاهر التعافي في القطاع الصناعي الصيني، كما أن الاضطرابات في المناجم الرئيسة وتراجع قدرة المصانع الصينية على معالجة المعدن، وتمثل بمفردها نصف الإمدادات العالمية، زادا من احتمال انخفاض النحاس المكرر في العالم، ولهذا من المتوقع أن نشهد قفزات سعرية من الآن ولمدة عامين أو ثلاثة أعوام”.
ويعد النحاس ثالث أكثر المعادن استخداما في العالم، والطلب عليه مؤشر على الصحة الاقتصادية، إذ يعد المعدن ضروريا في عملية التصنيع والبناء، وحاليا بات ذا أهمية بالغة في مجال الطاقة الحديثة وتوربينات الرياح إضافة إلى صناعة السيارات الكهربائية.
بدورها، أوضحت لـ”الاقتصادية” الدكتورة ميليسا سميث أستاذة التنمية الاقتصادية، أن “تخزين الطاقة سيكون أحد أكثر الأسواق كثافة في استخدام النحاس في القرن الحالي، فالانتشار السريع وواسع النطاق لتقنيات الطاقة الحديثة وأساطيل السيارات الكهربائية سيولدان طفرة هائلة في الطلب على المعدن الأحمر”.
وأضافت “تتوقع التقديرات الدولية أن يتضاعف الطلب العالمي على النحاس المكرر ليصل إلى 49 مليون طن عام 2035، وتقنيات تحويل الطاقة ستستهلك ما يقرب من نصف نمو الطلب”.
لكن الطلب ليس إلا أحد وجهي العملة، فلأكثر من عقد من الزمان عانت أكبر مناجم النحاس في العالم الانخفاض في الكميات المستخرجة مع نقص التوصل لاكتشافات جديدة، وأدت جائحة كورونا إلى تفاقم التحديات المتعلقة بسلاسل توريد النحاس عالميا، إذ تباطأت أو توقفت بالكامل أنشطة التعدين والتكرير في عديد من الدول الكبرى المنتجة، وأدى عدم اليقين الاقتصادي إلى قيام شركات التعدين بتأخير الاستثمار في اكتشاف مناجم جديدة للنحاس، وقد يستغرق الأمر 15 عاما لتطوير الاكتشافات الحديثة وتحويلها إلى مناجم.
ولأن الطلب القوي ونقص العرض يوفران بيئة مناسبة لارتفاع الأسعار، فإن السؤال الذي يدور في أذهان كثير من المستثمرين: إلى أي مدى يمكن أن ترتفع أسعار المعدن الأحمر؟
هنا يرجح دي.جيري المحلل المالي في بورصة لندن، أن يكون هناك نقص في المعروض من النحاس يتجاوز 400 ألف طن هذا العام، وإذا زاد الطلب العالمي فقد يتجاوز السعر هذا العام 10 آلاف دولار، وسيصل إلى 15 ألف دولار للطن العام المقبل.
صدمة العرض تؤجج ارتفاعات المعدن الأحمر
- كتبه، نور الدين فردي
- بتاريخ، أبريل 16, 2024
- 8:40 ص