تشهد صناعة مستحضرات التجميل، مسارا تصاعديا عبر جميع الفئات العمرية، إذ أثبتت مرونة مذهلة وسط الأزمات والتقلبات الاقتصادية العالمية، وباتت محور جذب لكبار المستثمرين والمشاهير ومؤثري مواقع التواصل الاجتماعي، فالجميع يرغب في أن يكون جزءا من الصناعة التي تنمو بقوة.
وبحسب خبراء دوليين في القطاع تحدثوا لـ “الاقتصادية”، يقدر إجمالي إيرادات الصناعة منتصف هذا العام بنحو 430 مليار دولار، وتشير التقديرات إلى أنها ستحقق مبيعات بقيمة 690 مليار دولار العام المقبل، بمعدل نمو 7 %، ما يدل على الزخم القوي الذي تتمتع به.
مارك سميث مسؤول سابق في شركة ديمين لمستحضرات التجميل، يعد أن الاستهلاك العالمي المتنامي على مستحضرات التجميل بأنواعها المختلفة عاملا رئيسا لجذب الاستثمارات.
سميث يقول لـ”الاقتصادية”: في النصف الأول من هذا العام تم ضخ نحو 50 مليار دولار في مختلف الشركات الناشئة والقائمة المرتبطة بمستحضرات التجميل، حيث يعود التدفق الكبير في رأس إلى طرح مزيد من العلامات التجارية، والطلب المتزايد بفضل التجارة الرقمية.
يكشف التحليل الجغرافي للصناعة عن تنوع جغرافي كبير، مع مساهمات مهمة من عديد من الأسواق الرائدة. فالولايات المتحدة تظل أكبر سوق استهلاكية، حيث ولدت بمفردها أكثر من 90 مليار دولار في 2023، تليها الصين بسوق تقدر قيمتها بنحو 85 مليار دولار، مدفوعة بنمو الطبقة المتوسطة وازدياد التركيز على منتجات العناية بالرجال.
من جانبها، ترى الدكتورة جين طومسون أستاذة إستراتيجيات التسويق في قطاع مستحضرات التجميل، أن أوروبا تلعب حتى الآن دورا حاسما في الصناعة، حيث يقود الثلاثي الفرنسي والبريطاني والألماني السوق. وأسهمت فرنسا بمفردها بنحو 55 مليار دولار العام الماضي.
وقالت طومسون لـ”الاقتصادية”: هناك متغيرات رئيسة تشهدها سوق صناعة التجميل، تتمثل في بروز الاقتصادات الناشئة كلاعب رئيس في الصناعة من زاوية المشتريات، تأتي منطقة الشرق الأوسط عامة والخليج العربي على وجه التحديد بوصفها من أكثر الاقتصادات الناشئة تأثيرا على الصناعة من جانب الإيرادات.
وتتوقع بلوغ مشتريات منطقة الشرق الأوسط نحو 30 مليار دولار هذا العام، يتركز أغلبها في منطقة الخليج، خاصة مع تزايد دور المرأة اقتصاديا ودخولها سوق العمل بكثافة، ما منحها دخلا أكبر يمكن إنفاقه على مستحضرات التجميل.
وتضيف، “ارتفاع مستوى المعيشة في منطقة الخليج، وتحديدا في السعودية والإمارات، يجعل السوق ذات طبيعة خاصة. وتتسم بجاذبية كبيرة لمنتجات التجميل الفاخرة، وعادة ما تهيمن عليه الشركات الفرنسية، لكنها تواجه حاليا تحديات من نظيرتها البريطانية”.
طومسون تشير إلى أن المؤثرون البريطانيون لعبوا دورا مهما في جعل المملكة المتحدة منافسا خطيرا لفرنسا في صناعة مستحضرات التجميل، ما جعل القيمة الإجمالية للصناعة في المملكة المتحدة تصل إلى أكثر من 27 مليار جنيه إسترليني، وتضم قوة عاملة يبلغ عددها 600 ألف شخص.
ويتسم قطاع مستحضرات التجميل بديناميكية واضحة للغاية تسمح للصناعة بإعادة تشكيل ذاتها بطرح مجموعة متنوعة ومتجددة من المنتجات، ما يحفز المستهلكين، خاصة الفئات العمرية الشابة، على زيادة الطلب لمواكبة التغيرات الجديدة.
يعتقد كثير من الخبراء أن سوق مستحضرات التجميل ستشهد مزيدا من التنافسية بين العلامات التجارية الجديدة نسبيا التي دخلت الأسواق العالمية في العقد الماضي والعلامات التجارية التاريخية المهيمنة على السوق مثل شركة لوريال الفرنسية.
بدورها، قالت لـ”الاقتصادية” إميلي جونسون، الباحثة في جمعية كوزمتيك بريطانيا للعناية الشخصية: مع استمرار نمو السوق مدعومة بالتكنولوجيا والتجارة الرقمية، ستظهر مزيد من الشركات القادرة على التكيف مع أجواء المنافسة.
وتضيف: للتجارة الإلكترونية في مجال مستحضرات التجميل دور رئيس في تطور الصناعة من الآن، حتى منتصف القرن، إذ تضاعفت التجارة الإلكترونية لمستحضرات التجميل 4 مرات من عام 2015 إلى 2022، وتتجاوز الآن حصتها 25% من المبيعات، ما يجعلها أسرع قنوات المبيعات نموا، والعامل الرئيس بعد تنويع المنتجات في تطور صناعة مستحضرات التجميل.