توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد انخفاض في ختام الأسبوع الماضي، على الرغم من تسجيل مكاسب أسبوعية جديدة في استجابة لاستمرار وتصاعد وتيرة التوترات في الشرق الأوسط.
وأوضحوا في تصريحات لـ”صحيفة العرب الاقتصادية”، أن أسعار النفط سجلت مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي وتتأهب لمزيد من المكاسب مع ترقب السوق لهجوم بري محتمل على شمال غزة، ولا تزال الأسعار ترتفع بسبب التوترات الجيوسياسية المثيرة للقلق.
ولفت المحللون إلى أن تأثير الصراع الجيوسياسي أقوى من تأثير تأرجح بيانات اقتصاد الولايات المتحدة وقوة الدولار، مشيرين إلى تحذير شركة أليانز تريد من أن أسعار النفط الخام قد ترتفع إلى 140 دولارا للبرميل وتدفع العالم إلى الركود.
وأشاروا إلى الغموض المحيط بتطورات الصراع الراهن في الشرق الأوسط والمخاوف من الانزلاق إلى صراع إقليمي أوسع يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع قياسي في أسعار النفط الخام، مرجحين أن الأسعار قد تتصاعد.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة كيو إتش إيه لخدمات الطاقة “إن أسعار النفط الخام أقرب لمواصلة المكاسب القياسية في ضوء تصاعد المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط”، موضحا أنه عند هذه المستويات من أسعار الطاقة ندرك أن البنوك المركزية ستكون أكثر ميلا إلى وضع الانتظار والترقب قبل أن تخفض أسعار الفائدة ما قد يدفع العالم إلى الركود وبالتالي إلى تباطؤ النمو العالمي.
ونوه بارتفاع أسعار النفط المستمر نتيجة التأثير المباشر للصراع في الشرق الأوسط ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمية، مشيرا إلى أنه حتى قبل الصراع الحالي كان محللو صناعة النفط يرفعون توقعات أسعار النفط الخام لعام 2023 إلى مستوى 100 دولار للبرميل.
تعزيز المعروض النفطي العالمي
أما دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية فيرى أن جهودا دولية تبذل لتعزيز المعروض النفطي العالمي لامتصاص قفزات الأسعار، ولذا ظهر اتجاه الولايات المتحدة إلى تخفيف العقوبات على منتج بارز مثل فنزويلا لزيادة إنتاجها من النفط الخام، لافتا إلى تأكيد شركة وود ماكينزي أنه على الرغم من أن هذا التخفيف الجديد للعقوبات لا يزال مشروطا بتجديد لاحق إلا أنه يمكن بالتأكيد أن يكون مفيدا حيث يعتبر خطوة إيجابية نحو تعافي قطاع النفط والغاز الفنزويلي.
وأضاف أنه “مع ذلك فإن تخفيف العقوبات الأمريكية على القطاع النفطي في فنزويلا لا يضمن انتعاشا سريعا أو دائما للإنتاج نظرا للاستثمارات الضخمة المطلوبة واللازمة للتعامل مع إصلاحات البنية التحتية الحالية ولعلاج الاختناقات خاصة في خطوط الأنابيب ومشاريع المنبع”.
ويتفق بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة مع أن تخفيف أو رفع العقوبات الأمريكية يجيء في إطار جهود حثيثة للسيطرة على أسعار النفط الخام والوقود خاصة قبل الانتخابات الأمريكية، مشيرا إلى أن توقعات انفلات الأسعار كبيرة في ظل مخاوف انقطاع إمدادات النفط الخام من الشرق الأوسط وسط تصاعد حدة الأعمال العسكرية.
وقال “إن زيادة صادرات النفط الخام من فنزويلا لن يكون له – بحسب تقارير دولية – تأثير كبير في أسواق النفط العالمية في الوقت الحالي، كما سيكون التأثير في إنتاج النفط والغاز محدودا خلال العام المقبل”.
وبدورها، تضيف أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية أن “السوق النفطية تتطلع إلى الاجتماع الوزاري الموسع لتحالف (أوبك +) في الشهر المقبل الذي يعقد في ظروف دولية حرجة بعد تصاعد المخاطر الجيوسياسية وتداعياتها الواسعة على سوق النفط الخام”.
ولفتت إلى أن سوق النفط العالمية تعد كيانا معقدا وغالبا ما يتأثر بشكل مباشر بالأحداث والمخاطر الجيوسياسية.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط عند التسوية يوم الجمعة بعد أن تم إطلاق سراح محتجزتين أمريكيتين من غزة ما عزز الآمال في إمكانية عدم تفاقم الأزمة والحيلولة دون اتساع رقعتها لبقية منطقة الشرق الأوسط وتعطيل إمدادات النفط. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 22 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 92.16 دولار للبرميل عند التسوية. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي تسليم نوفمبر، التي انتهى أجلها بعد تسوية الجمعة، 62 سنتا أو 0.7 في المائة إلى 88.75 دولار للبرميل.
مكاسب
وانخفض عقد استحقاق شهر ديسمبر الأكثر تداولا لخام غرب تكساس الوسيط 29 سنتا عند التسوية إلى 88.08 دولار للبرميل.، فيما ارتفعت العقود الآجلة لكلا الخامين بأكثر من دولار للبرميل خلال جلسة الجمعة وسط تزايد المخاوف من احتدام الصراع. وعلى أساس أسبوعي، حقق خام برنت مكاسب بنسبة 1.4 في المائة، في حين حقق الخام الأمريكي مكاسب أسبوعية بنسبة 1.2 في المائة. وقال جون كيلدوف الشريك لدى “أجين كابيتال” في نيويورك “يظل الشرق الأوسط محط تركيز كبير في السوق بسبب المخاوف من اندلاع صراع على مستوى المنطقة، الأمر الذي من المرجح أن يتسبب في انقطاع إمدادات النفط”. وتستفيد أسعار النفط أيضا من توقعات بتزايد العجز في الربع الرابع بعد أن مددت السعودية وروسيا، المنتجان الرئيسان، تخفيضات الإمدادات حتى نهاية العام. ومن جانب آخر، ارتفع إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار اثنتين خلال الأسبوع بعد ارتفاعه بمقدار ثلاث الأسبوع الماضي، حيث يواصل الحفارون العمل بضبط النفس.
وذكر التقرير الأسبوعي لشركة بيكر هيوز الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر أن إجمالي عدد منصات الحفر ارتفع إلى 624 منصة هذا الأسبوع وحتى الآن هذا العام، قدرت شركة بيكر هيوز خسارة 155 منصة حفر نشطة، مشيرا إلى أن عدد منصات الحفر لهذا الأسبوع بلغ 451 منصة أقل من عدد منصات الحفر في بداية عام 2019 قبل الوباء.
ونوه بارتفاع عدد منصات النفط بمقدار واحدة إلى 502، بانخفاض 119 حتى الآن في عام 2023 وارتفع عدد منصات الغاز بمقدار واحدة هذا الأسبوع إلى 118، بخسارة 38 منصة للغاز النشط منذ بداية العام، فيما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها.
ولفت إلى ارتفاع عدد منصات الحفر في حوض بيرميان بمقدار منصة واحدة خلال الأسبوع، وهو الآن أقل بمقدار 34 منصة عن الوقت نفسه من العام الماضي، بينما انخفض عدد منصات الحفر في Eagle Ford بمقدار منصة، وهو الآن أقل بـ21 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي.
وأفاد التقرير بأن مستويات إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ظلت ثابتة عند 13.2 مليون برميل يوميا للأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر، وفقا لأحدث التقديرات الأسبوعية لإدارة معلومات الطاقة، وهو أعلى مستوى إنتاج في الولايات المتحدة على الإطلاق، مشيرا إلى ارتفاع مستويات الإنتاج الأمريكي الآن بمقدار مليون برميل يوميا منذ بداية العام، وفقا للأرقام الأسبوعية المقدرة.