الدكتور مسعود المهدى السلامي.
استاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة.
يعتبر قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية من القطاعات المهمة للاقتصاد الوطني، و مصدر من مصادر تحقيق الامن الغدائي في ليبيا. علاوة على مساهمتهما في تنويع مصادر الدخل، ويستوعب كل منهما عددا معتبرا من العمالة الوطنية.
ويأتي القطاع الزراعي في المرتبة التانية كااحد اهم القطاعات الانتاجية بعد قطاع النفط،الذي يعتبر
المصدر الأول للدخل ،حيث يساهم بحوالي 2% من الدخل القومي للبلاد. وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في ليبيا 3.7مليون هكتار، اي مايعادل 2% من إجمالي المساحة الكلية للبلاد،فيما يغلب على المساحة المتبقية الطابع الصحراوي او شبه الصحراوي. ورغم
محدودية وصغر حجم القطاع الزراعي ،وانخفاض مستوى الانتاج بمرور الزمن بسبب الاعتماد على النفط، ألا أن الزراعة مازالت تنال الإهتمام وتهتم بها شريحة واسعة من الليبيين، فهي متأصلة بقوة في حياة وتقاليد وتراث المجتمع الليبي منذ القدم.
والى جانب قطاع الزراعة يعتبر قطاع الثروة الحيوانية من القطاعات المهمة ايضا في ليبيا،
واحد من المصادر المهمة للدخل .
وينتشر قطاع الثروة الحيوانية على امتداد اغلب مساحة ليبيا، خاصة وأن جانب من هذا القطاع يعتمد على نظام الرعي المفتوح الذي لايحتاج لأمكانيات كبيرة ،حيث توفر المراعي الطبيعية 30% من احتياجات الثروة الحيوانية من الغداء. وحسب الإحصائيات الرسمية ان اعداد الثروة الحيوانية موزعة كالآتي:
اغنام. 6مليون رأس ، ماعز 2 مليون رأس، ابقار300000 الف رأس ، أبل 150000 رأس، طيور 25 مليون طير.
ويعتبر كل من قطاع الثروة الزراعية وقطاع الثروة الحيوانية من مصادر الدخل المهمة في تحقيق الأمن الغدائي لليبيين،خاصة وأن هذين القطاعين غير قابلين لفرض الحصار الخارجي عليهما، ولايمكن استخدامهما في الخلافات أو المحاصصة بين الأطراف السياسية، كما أنهما لايحتاجان إلى اموال ضخمة ولاتقنيات عالية كما هو حال قطاع النفط مثلا.
مخاطر تهدد قطاعي الثروة الزراعية والثروة الحيوانية
يشهد كل من القطاع الزراعي وقطاع الثروة الحيوانية تهديدات خطيرة طالت كل منهما ،فقد غزت اسراب الجراد الصحراوي العديد من مناطق الجنوب الليبي مثل سبها، تراغن، تازربو وترهونه وبني وليد ،وهناك الكثيرمن المناطق تضررت بسبب هجوما لجراد، الذي يهاجم جميع المحاصيل الحقلية من حبوب القمح والشعير والذرة والأشجار، ومزارع النخيل وقضى على مساحات زراعية واسعة من هذه المناطق ،خاصة بعد سقوط كميات كبيرة من الأمطار في الآونة الاخيرة، وقد وفرت الظروف المناخية البيئة المناسبة لتكاثره وزيادة اعدادها.، ويمكن أن يقضي الجراد الصحراوي على محاصيل زراعية كاملة في فترة زمنية محدودة
لانه قادر على الانتقال من مكان لمكان آخر بسهولة.
على الجانب الآخر، انتشر في الآونة الاخيرة مرض الحمى القلاعية في مناطق شرق وغرب البلاد ،وهو مرض شديد العدوى يصيب الحيوانات خاصة الأبقار والاغنام والماعز وقد تسبب انتشاره في هذه المناطق في نفوق عشرات الالاف ،وقضى على نسبة كبيرة من الثروة الحيوانية، وقد بدأ انتشار هذا المرض بسبب إهمال العناية بتحصين الحيوانات والاستيراد غير القانوني للحيوانات من الخارج والتي لا تخضع لأجراءات الرقابة البيطرية، عند استيرادها، علاوة على غياب المعرفة لدى بعض المربين حول هذه الأمراض.
اهتمام حكومي قليل وإمكانيات محدودة
رغم الانتشار الواسع للجراد الصحراوي في جنوب البلاد ،وقضائه على مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية والمئات من اشجار انخيل ،وايضا رغم انتشار مرض الحمى القلاعية وغيره من الأمراض الاخرى التي فتكت بإعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، إلا أن الاجهزة المختصة في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية لاتقوم بمايكفي من الجهد للتصدي للافآت والأمراض التي تصيب الثروة الزراعية والتروة الحيوانية.
ولم تقم سواء حكومة الوحدة الوطنية او حكومة حماد الموازية بالاستجابة السريعة لمشكلة غزو الجراد الصحراوي لمئات الهكتارات الزراعية في الجنوب الليبي وهناك نقص في المبيدات وآلات الرش وسيارات الدفع الرباعي الخاصة بالمناطق الصحراوية الصعبة والتجهيزات الميدانية ،كما لم تقم كل من الحكومتين بالجهد الكافي لمكافحة مرض الحمى القلاعية الذي انتشر في شرق وغرب البلاد خاصة في مرحلة الوقاية من المرض،وقد تأخرت الحكومات المعنية في صرف الأموال وتوفير الامكانيات البشرية اللازمة لمواجهة مرض الحمى القلاعية، وايضا التأخير في تسليم الامصال للمناطق المتضررة من انتشار هذا المرض الفتاك بالثروة الحيوانية .
وقد تسبب الانقسام السياسي وعدم الاتفاق على خطة موحدة لمكافحة اسراب الجراد الصحراوي، والتصدي لمرض الحمى القلاعية في تعطيل تنفيذ الإجراءات التي اتخدتها كل من الحكومتين ،مما أدى إلى خسارة مئات الهكتارات من المحاصيل الزراعية وأعداد كبيرة من الثروة الحيوانية، مما يعد تهديد كبير للأمن الغدائي في ليبيا، وخسارة للاقتصاد الوطني.