عا مدير مكتب السياحة بالجبل الأخضر إبراهيم بوطريبيش إلى إنقاذ منطقة الجبل الأخضر التي تشكل 60% من الغطاء النباتي في البلاد قبل كارثة جديدة في فصل الشتاء، مشيرا إلى الأضرار البالغة التي تعرضت لها جراء العاصفة «دانيال».
وقال بوطريبيش لوكالة الأنباء الليبية إن السيول وانهيار سد وادي درنة تسببا في هدم المباني الأثرية بعدة مناطق أهمها مدينة قورينا، إذ جرفت العاصفة الأسوار الأثرية وغيرت معالم العديد من المناطق الأثرية والحصون.
وأضاف مسؤول السياحة أن السيول جرفت أيضا ما في بطون أودية الجبل الأخضر من غابات وحيوانات وحتى التربة النافعة تأثرت، حتى أصبحت معظم الأودية صلدة جرداء، كما تضررت البنية التحتية والفوقية الداعمة لصناعة السياحة مثل شبكات مياه الشرب وشبكات تصريف مياه الصرف الصحي والطرق المؤدية إلى المقاصد السياحية.
وعلى الرغم من الأضرار المدمرة، أدت العاصفة أيضا إلى ظهور بعض القطع والمناطق الأثرية الجديدة، وفق بوطريبيش الذي أشار إلى أن المكتب يعكف على دراسة تلك الاكتشافات وتسجيلها، كما تعمل إدارة مراقبة آثار شحات على إزالة الطمي والركام الذي غطى عددا كبيرا من المواقع وطمس ملامحها.
وانتقد بوطريبيش عدم دعوة مكتب السياحة إلى مؤتمر إعادة الإعمار الذي عُقد أخيرا في بنغازي، مشيرا إلى أن عضو هيئة التدريس بجامعة عمر المختار الدكتور عبدالباسط عبدالجليل شارك في ورشة عمل أقيمت في مدينة شحات قبل انطلاق أعمال المؤتمر، وطلبت اللجنة القائمة على المؤتمر خطة عمل، وعلى الفور أعد المكتب ورقة بحثية عما يجب القيام به لإعادة إحياء المنطقة سياحيا، متابعا: «لكن قبل المؤتمر بيومين تفاجأنا باعتذار من اللجنة وأنهم سيدونون ملاحظاتنا دون الحاجة لحضورنا».
وأضاف أن المكتب لم يستطع التحرك ميدانيا لضعف الإمكانات، وغياب الدعم الحكومي، ليكتفي بالحديث عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية عما يجب أن يكون والمقترحات والحلول، متابعا: «الشتاء على الأبواب ولم نر تحركا جادا سواء من حكومة الوحدة الوطنية (الموقتة) التي تملك المال أو الحكومة (المكلفة من مجلس النواب) التي يقع الجبل الأخضر تحت إشرافها».
وناشد بوطريبيش صناع القرار من السلطتين التشريعية والتنفيذية ضرورة الانتباه إلى أن إهمال المنطقة سيؤدي لا محالة إلى فقد المقاصد السياحية الهامة وانهيار إقليم الجبل الأخضر بالكامل.
وأشار مسؤول السياحة بالجبل الأخضر إلى عدم اهتمام الجهات المختصة بصناعة السياحة، واعتمادها على الاقتصاد الريعي القائم على عائدات النفط حال دون التوجه لهذا الرافد الاقتصادي المهم. وشدد على ضرورة أن تكون هناك نوايا حقيقية لدعمه وتبني استراتيجية واضحة مع مراعاة خصوصية المجتمع الليبي عامة وسكان الجبل الأخضر خاصة، حسب ما نقلت عنه «وال».
وطالب بإقامة خطط تنمية سياحية مستدامة تساهم في توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة وتساهم في استثمار العملة الصعبة وترفع غطاء الذهب وميزان المدفوعات، وتحسن الدخل للوصول بالمواطن إلى الرفاهية وهذا لن يتحقق إلا بوجود مناخ سياسي صحي وتبني الدولة لاستراتيجية النمو الشامل.
ولفت إلى أن منطقة الجبل الأخضر تمتد من توكرة غربًا إلى منطقة عين الغزالة شرق التميمي، وتقع هذه الرقعة الجغرافية على مساحة تقدر بنحو 8767 كيلو مترا مربعا وتقارب مساحته دولة لبنان التي تبلغ مساحتها نحو عشرة آلاف كيلومتر مربع، وتتميز المنطقة بغطاء نباتي كثيف تعاقبت عليها حضارات، منذ أقدم العصور وحتى العصر الحديث، منذ بداية الإنسان القديم الذي كان يقطن كهف «هوا فطيح» الواقع شرق مدينة سوسة وحضارة الليبيين القدماء في قرية أسلطنة إلى حضارة الإغريق والرومان الموجودة في باقي مدن الجبل الأخضر من توكرة إلى قورينا إلى أبولونيا وتوكيرة وهي المرج الحالية.
تطور قطاع السياحة في ليبيا
ويشير بوطريبيش إلى أن الدولة الليبية لم يكن لها أي توجه لدعم السياحة، إلا أنه في عشرينات القرن المنصرم إبان الاحتلال الإيطالي، بدأ التوجه إلى إنشاء عدة متاحف وفنادق على مستوى كامل التراب الليبي وتهيئة المناطق الأثرية للزوار عن طريق شق مسارات أو دروب للمنطقة السياحية وإعداد المسوحات، إذ أن روما كانت تظن أنها ستستعمر ليبيا للأبد، وبعد الاستقلال زادت المملكة من إنشاء العديد من الفنادق والمنتجعات وخططت لإنشاء معاهد لدراسة السياحة والفندقة، واستمرت على نفس النهج سنوات طويلة.
ولفت إلى أن ليبيا حاولت أخيرا اللحاق بركب الدول السياحية وبدأت بإنشاء الهيئة العامة للسياحة التي قسمت المنطقة إلى ثلاثة مكاتب هي، مكتب الجبل الأخضر، ومكتب المرج، ومكتب درنة، واستمر العمل حتى جاءت أحداث 17 فبراير العام 2011 التي أثرت على القطاع السياحي الذي يعد أكثر القطاعات حساسية في الدولة، وتحول من قطاع جاذب للسياح إلى طارد، واستؤنفت السياحة في الفترة الأخيرة نشاطها الداخلي وهي الأهم إذ تمثل السياحة الداخلية «بطاقة تجوال نحو السلم المجتمعي».