استمر انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في منطقة اليورو خلال الشهر الحالي، وهو ما يشير إلى احتمال انكماش اقتصاد المنطقة التي تضم 20 دولة من دول الاتحاد الأوروبي خلال الربع الثالث من العام الحالي.
وذكرت وكالة “بلومبيرج” للأنباء أمس أن مؤشر مديري مشتريات القطاع الخاص الذي يعتمد على مسح مؤسسة إس آند بي جلوبال استمر في نطاق الانكماش للشهر الرابع على التوالي ليسجل 47.1 نقطة وهو ما يزيد قليلا على مستواه في أغسطس الماضي.
يذكر أن قراءة المؤشر أقل من 50 نقطة تشير إلى انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع، في حين تشير قراءة أكثر من 50 نقطة إلى نمو النشاط.
كان المحللون الذين استطلعت آراؤهم يتوقعون تراجع المؤشر إلى 46.5 نقطة.
وقال سيروس دي لا روبيا كبير المحللين الاقتصاديين في “هامبورج كوميرشال بنك”، “نتوقع دخول منطقة اليورو إلى دائرة الانكماش خلال الربع الثالث.. تشير توقعاتنا الحالية التي تتضمن مؤشرات مديري المشتريات إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة مقارنة بالربع الثاني من العام الحالي”.
وأظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات انكماش النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في كل من قطاعي التصنيع والخدمات، حيث ظل مؤشر قطاع التصنيع أقل من 50 نقطة لمدة 15 شهرا، في حين كان مؤشر قطاع الخدمات فوق مستوى 50 نقطة خلال النصف الأول من العام الحالي.
يشار إلى أن المفوضية الأوروبية خفضت أخيرا، توقعاتها للنمو الاقتصادي في منطقة اليورو للعامين 2023 و2024، فيما يثقل أداء ألمانيا الضعيف كاهل منطقة العملة الموحدة.
وتوقعت المفوضية أن ينكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.4 في المائة عام 2023، مقارنة بتوقع سابق بنمو نسبته 0.2 في المائة.
تعاني ألمانيا ركودا في قطاعها الصناعي الضخم وأداء باهتا لصادراتها، علما بأن للقطاعين تأثيرات بالغة في الاقتصاد برمته.
وأشارت المفوضية في تقريرها إلى ضعف صناعي، وقالت “إن ألمانيا تأثرت خصوصا بشكل كبير بالصدمات الناجمة عن أسعار الطاقة المرتبطة بحرب أوكرانيا”.
كما أسهمت جهود البنك المركزي الأوروبي للسيطرة على التضخم عبر زيادات في معدلات الفائدة في التباطؤ المسجل في منطقة اليورو، وفق ما أضاف التقرير.
توقع صندوق النقد الدولي بالفعل بأن تكون ألمانيا الاقتصاد الرئيس المتقدم الوحيد الذي ينكمش عام 2023.
وسيتواصل النمو في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي في المجمل، لكنه سيكون أقل مما كان متوقعا في وقت سابق هذا العام.
وفي مايو، أعلنت المفوضية أن منطقة اليورو ستسجل نموا بنسبة 1.1 في المائة عام 2023، لكنها تراجعت النسبة أخيرا إلى 0.8 في المائة.
وأفاد باولو جينتيلوني مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحافي، “بينما تجنبنا ركودا الشتاء الماضي، أدت الرياح المعاكسة العديدة التي واجهها اقتصاد الاتحاد الأوروبي هذا العام إلى زخم نمو أضعف بعض الشيء مما توقعناه في الربيع.
وذكرت المفوضية في تقريرها أن “النشاط الاقتصادي سيتباطأ خلال الصيف والشهور المقبلة، مع تواصل الضعف في الصناعة وتراجع الزخم في الخدمات، رغم موسم سياحة قوي في عديد من أجزاء أوروبا”.
كما لن يكون بإمكان أوروبا “الاعتماد على الدعم القوي” من الصادرات في ظل ضعف النمو والطلب العالميين.
لكن جينتيلوني بدا متفائلا حيال إمكانية تحسن الاقتصاد الألماني.
وقال للصحافيين في بروكسل “يمكن تحسين وضع الاستهلاك والطلب المحليين والقدرة الشرائية للعائلات في الشهور المقبلة، وهو أمر يمكن أن يعيد الاقتصاد الألماني إلى مسار النمو”.
لكنه أضاف أن “التحديات البنيوية فيما يتعلق بالطاقة وجوانب أخرى قائمة، لا تحل هذه المسألة في غضون بضعة أسابيع”.
ودفعت بيانات ألمانيا القاتمة صحيفة “إيكونوميست” إلى التساؤل على غلافها في أغسطس “هل باتت ألمانيا مجددا رجل أوروبا المريض؟”.
ولدى سؤاله عما إذا كان يتفق مع استخدام توصيف “الرجل المريض”، رفض جينتيلوني اللجوء إلى عناوين من هذا النوع في تحليلات الاتحاد الأوروبي.
وقال “لا أعتقد أنه بإمكاننا إسناد تحليلنا إلى عناوين أغلفة الصحف”، مضيفا أن “الاقتصاد الألماني قوي، ويملك الأدوات وإمكانية التعافي”.