Skip to content

هل تطيح أسعار الكاكاو بعمالقة صناعة الشوكولاتة في أوروبا؟

عبر التاريخ الطويل للشوكولاتة، هيمنت الشركات الأوروبية والأمريكية على صناعة تُقدر قيمتها الإجمالية حاليًا بأكثر من 130 مليار دولار.

لكن أخيرًا، أدى ارتفاع أسعار الكاكاو، العمود الفقري لصناعة الشوكولاتة، إلى أزمة غير مسبوقة، ما أرسل موجة من الصدمات بين عمالقة الإنتاج في أوروبا وأمريكا الشمالية، كما فتح الباب على مصراعيه لمنافسين جدد من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، الذين يظهرون قدرة متنامية على تحدي عمالقة الصناعة التقليديين.

يبرر الباحث الاقتصادي في مجال التغذية، روبرت روبرتس، الهيمنة الأوروبية والأمريكية على صناعة الشوكولاتة، هذا الأمر بالقول: “الهيمنة الغربية في تلك الصناعة مبنية على قرون من الحرفية والابتكار والطلب القوي من المستهلكين على المنتجات الفاخرة، فاليوم العالمي للشوكولاتة، في السابع من يوليو من كل عام، هو تاريخ دخول الشوكولاتة إلى أوروبا عام 1550، وأوروبا هي التي وضعت المعيار الذهبي للجودة.”

قال “شركات الشوكولاتة الأمريكية استفادت من اقتصادات الحجم، فأنتجت كميات كبيرة من الشوكولاتة بتكاليف منخفضة نسبيًا، واستثمرت في حملات تسويق عالمية ساعدتها في الحفاظ على مكانتها المميزة”.

اليوم، تشهد إمدادات الكاكاو العالمية ضغوطًا هائلة، فالأسعار ترتفع جراء الظروف الجوية السيئة التي دمرت المحاصيل في غرب إفريقيا، موطن 4 من أكبر منتجي الكاكاو (ساحل العاج، وغانا، ونيجيريا، والكاميرون) الذين يوفرون معًا 75 % من إمدادات الكاكاو العالمية.

يُضاف إلى ذلك شيخوخة الأشجار التي تنتج كميات أقل من محصول الكاكاو، ما وضع ضغوطًا على المنتجين التقليديين وأجبرهم على نقل التكاليف الإنتاجية المتزايدة إلى المستهلكين.

من جانبها، ذكرت الدكتورة صوفيا راو، الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في الاقتصادات الناشئة، أن الطبقة المتوسطة الآسيوية تتوسع بوتيرة سريعة، خاصة في الصين والهند، وهذا الجيل الجديد من المستهلكين يطور ذوقًا للشوكولاتة، ومع ارتفاع الدخول يرتفع الطلب على المنتجات محلية الصنع.

أضافت، أن “أحد العوامل الرئيسية التي تدفع صعود منطقة آسيا والمحيط الهادئ في صناعة الشوكولاتة هو المشاركة المتزايدة للمنطقة في إنتاج الكاكاو، فإندونيسيا، ثالث أكبر منتج للكاكاو في العالم بنسبة 15%، وماليزيا تعملان على تعزيز إنتاج الكاكاو المحلي وتطوير علامة تجارية لشوكولاتة محلية الصنع”.

ولا شك أن هذا التحول يوفر فرصًا جديدة للدول الآسيوية لترسيخ نفسها كلاعب رئيسي في صناعة الشوكولاتة، مستفيدة أيضًا من تركيز المنطقة على التكنولوجيا والابتكار، لتحسين الكفاءة الإنتاجية وتعزيز جودة المنتج وتلبية المطالب المتغيرة للمستهلكين.

مع ذلك، يعتقد أوليفر روس، الاستشاري السابق في منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو)، أنه قد يكون من الصعب أو السابق لأوانه القول إن آسيا تمتلك القدرة على منافسة أوروبا والولايات المتحدة في صناعة الشوكولاتة.

أضاف لـ”الاقتصادية”، أن “عمالقة الشوكولاتة الغربيين لديهم قدرة على التكيف مع المشهد المتغير في الصناعة، ولا يمكن تجاهل صعود آسيا كقوة في الشوكولاتة، لكن الشركات الغربية تعيد تطوير إستراتيجياتها لتظل قادرة على المنافسة، مستفيدة من خبرتها التي تمتد لعقود”.

تابع، “نلاحظ أنها بدأت في استيعاب اللاعبين الجدد في آسيا، سواء بالشراكة مع المنتجين المحليين أو تصميم منتجات لتلبية تفضيلات المستهلكين الآسيويين أو افتتاح متاجر رئيسية في المدن الكبرى للترويج لمنتجاتها الفاخرة مع تنامي قاعدة المستهلكين الأثرياء في آسيا”.

مع ذلك، يبدو أن صناعة الشوكولاتة تتجه إلى مزيد من العولمة، حيث تتعاون الشركات من مناطق مختلفة في التوريد والإنتاج والتوزيع، وقد يساعد ذلك على إيجاد صناعة أكثر مرونة وأكثر فائدة للمنتجين والمستهلكين.

أشهر في موقعنا