يقدم انخفاض مفاجئ في التضخم في منطقة اليورو فرصة لأوروبا للبدء في خفض أسعار الفائدة قبل الولايات المتحدة التي ظلت مهيمنة لفترة طويلة، فيما بدأت الشركات الأمريكية تدرك الآن أنها قد تحصل على بعض المزايا وتستفيد من هذه الديناميكية الاستثنائية.
الديناميكية التي تعرف باسم “اليانكي العكسي” قد تكون في طريقها لأن تؤدي بنهاية العام إلى تحطيم أرقام قياسية في حجم تدفقات الائتمان الأوروبي إلى الشركات الأمريكية.
الاختلاف في السياسة النقدية بين الولايات المتحدة وأوروبا، مع تسجيل الأخيرة تباطؤا سريعا في التضخم، أثار الاهتمام الجديد بالديون الأوروبية.
انخفض تضخم أسعار المستهلكين في منطقة اليورو إلى 2.4% في مارس، مقتربا من المعدل المستهدف للبنك المركزي الأوروبي عند 2%. في المقابل، ثبت أن من الصعب ترويض التضخم في الولايات المتحدة، حيث انخفض إلى 3.4%في أبريل.
ويتوقع أن تخفض منطقة اليورو أسعار الفائدة في يونيو، مبعدة بذلك الولايات المتحدة من أن تكون المحرك الأول لأسعار الفائدة. سيساعد هذا الاقتصاد الأوروبي على سد جزء من فجوة مع الولايات المتحدة، التي يتوقع أن يتضرر الإنفاق الاستهلاكي فيها جراء شهور من ارتفاع تكاليف الاقتراض. ويتوقع المستثمرون أن يصبح الاقتراض في القارة أرخص.
وفقا لبنك أوف أمريكا “أصبح إنشاء ديون اليورو (…) من جانب الشركات الأمريكية التي تملك استثمارات صافية في منطقة اليورو أكثر جاذبية بسبب اتساع فروق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليورو والفوائد الأعلى من مبادلة نفقات الفائدة باليورو”.
ومع أن المناخ الاقتصادي الحالي يشجع على إصدار الديون الأمريكية في أوروبا، إلا أن “اليانكي العكسي” كان يكتسب زخما منذ سنوات.
فبحسب “مورنينج ستار”، زاد الدولار القوي من جاذبية شراء الشركات الأوروبية، التي يتم تمويلها جزئيا بسندات أوروبية يفضلها المستثمرون أكثر.
تواجه الولايات المتحدة، التي لم تكن أبدا دولة تقلق إزاء مستويات ديونها، حسابا عسيرا بشأن مستوى قروضها في عصر كوفيد، حيث ارتفع الدين العام إلى 121% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشعر محللون بالقلق من أن الدين المرتفع المطول قد يثبط إصدار سندات أمريكية.
وقال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إجراء محادثة جدية حول مستويات الدين العام، في حين حذر جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لجيه بي مورجان، من “تمرد” بين المستثمرين الذين يصدرون ديونا مقومة بالدولار عادة.
لكن حتى في القارة، الحياة ليست وردية، حيث تتعامل الدول الأوروبية، وأبرزها فرنسا، مع مستويات ديون مرتفعة تهدد بضرب تصنيفاتها الائتمانية، كما فرنسا مع مستويات نمو اقتصادي أقل من الولايات المتحدة، ما يجعل من الصعب على المستثمرين تبرير الثقة في ديون البلاد.
لكن يبدو أن المشهد النقدي الجذاب في أوروبا يهدئ مخاوف المستثمرين في الوقت الحالي، ويهيئ القارة لعام قياسي من التدفقات الآتية عبر المحيط الأطلسي.