Skip to content

كارثة الفيضانات على قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية: خسائر كبيرة وحلول مفقودة 

أعادت الفيضانات التي اجتاحت مدن الجبل الاخضر (درنه واخواتها )تشكيل خريطة المنطقة المنكوبة في شرق ليبيا ،إلى درجة أن أحياء بأكملها في بعض المدن المتضررة اختفت تماما من الخريطة ،فيما تغيرت معالم بعض الاحياء الاخرى .

ومع توالي الايام بدأ يظهر حجم الاضرار الاقتصادية للكارثة،وفي مقدمتها الخسائر الكبيرة في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية الذين طالهما القدر الاكبر من الخسائر والاضرار المادية ،الى جانب الضرر الكبير الذي اصاب البنية التحتية،والمرافق الاخرى .

ومع حجم الاضرار الهائلة الذي اصاب هذين القطاعين ،وماخلفه من انعكاسات سلبية على الاقتصاد المنهك اصلا بسبب الحروب ،والفساد المالي والاداري ،والصراعات السياسية التي لاتنتهي، تقف حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، والحكومة الموازية في المنطقة الشرقية عاجزتان عن حصر الاضرار ، وإيجاد الحلول السريعة، لتعويض المتضررين ،والبدء في اعادة إعمار وتأهيل هذين القطاعين،مما يفاقم الوضع ،ويجعل الخسائر مضاعفة،بما ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني.

حجم الخسائر في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية

طالت كارثة الفيضانات قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية في منطقة الجبل الاخضر التي تسمى بمزرعة ليبيا ،لغنى المنطقة ،ووفرة وتنوع انتاجها الزراعي من الخضروات والفواكه واللوزيات ،علاوة عن غناها بالثروة الحيوانية التي تغطي جانبا مهما من حاجة البلاد من اللحوم .

ووسط الانقسامات السياسية، والتنازع بين الحكومتين حول ملف إعادة إعمار البنية التحتية في المناطق المتضررة(درنة واخواتها ) غاب الاهتمام بمعالجة الاضرار التي لحقت بقطاعي الزراعه والتروة الحيوانية، ولم يتم الالتفات الى هذين القطاعين بحصر الاضرار التي لحقت بالفلاحين ،وخسارة مساحات واسعة من الاراضي الزراعية ،والى الاضرار الكبيرة التي لحقت بقطاع الثروة الحيوانية الذي يمثل 40%من إنتاج ليبيا .

وحسب التقديرات الاولية فإن مساحات كبيرة من أجمالي المناطق الصالحة للزراعة،والبالغة 329الف هكتار تقريبا لم تعد صالحة للزراعة في السنوات القريبة ،،بسبب انجراف التربة،وتسرب مياه البحر اليها،وتجمع المياه بكميات كبيرة في المساحات الزراعية،.كما لحق الضرر بما يعادل 80%من محصول الخضروات ،و30% من محصول الفاكهة ،خاصة التفاح والعنب واللوزيات الذي تشتهر بزراعتة منطقة الجبل الاخضر ، وحسب بعض المزارعين من ابناء المنطقة ان محصول الخضروات لهذا الموسم انتهى بالكامل .كما ادت الفيضانات الى اقتلاع مساحات واسعة من اشجار الغابات ،مما يهدد الغطاء النباتي ،ويؤتر على الموارد الحرجية،وعلى نوعية الاراضي ،وإمكانيات الانتاج ،وإصابة الاراضي الزراعية بالملوحة .

ويوضح علي بن الطاهر المتخصص في الاقتصاد الزراعي ان المنطقة الشرقية هي مزرعة ليبيا ،وان الخسائر تؤثر على الامن الغدائي في البلاد ،خاصة في الحبوب حيث تنتج المنطقة المتضررة 23% من إنتاج البلاد من القمح والشعير .

وفي قطاع الثروة الحيوانية لحقت الاضرار ب 40% من اغنام و أبقار وابل، ودواجن نفقت وتضررت حضائرها ، وخسارة 30 الف من الاغنام والمواشي،كما اترث الفيضانات على الطرق المؤدية إلى مراعي تلك الحيوانات (تصريح لمدير إدارة الثروة الحيوانية بمنطقة الجبل الاخضر ).وهناك تخوف من ان يسبب انتشار الامراض والاوبئة ،والمياه الملوثة بالقضاء على ماتبقى من الثروة الحيوانية التي يعتمد عليها اغلب السكان في معيشتهم.

وقد اشار عضو مجلس النواب سليمان سويكر لما فقدته دائرة المرج من اراضي زراعية ،وثروة حيوانية جراء جرف السيول لتربة الاراضي الزراعية ،او غمرتها المياه ،زيادة عن جرف اعداد كبيرة من الماشية للبحر ،محذراً من تداعيات هذه الخسائر على المدن القريبة من دائرة المرج ،التي يشكل حوضها الزراعي مصدرا مهما للمنتجات الزراعية والثروة الحيوانية .

الحلول المفقودة 

وسط الانقسامات السياسية التي تعيشها البلاد منذ فترة ،والخلافات حول ملف إعادة إعمار المدن المنكوبة، يتم اهمال،وعدم الاهتمام بما لحق بقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية من اضرار ،فرغم الحجم الكبير للخسائر الناجمة عن الفيضانات،لم تعمل ايا من الحكومتين على تعويض المتضررين من المزارعين ،ومربي المواشي،.

ولم تضع اي خطة للنهوض بهذين القطاعين من جديد،من خلال تسوية الاراضي ،وازالة الركام ،، والاهتمام بالغابات التي اقتلعت اشجارها . كما لم تخصص الحكومتان اي مبالغ مالية لتعويض مربي المواشي ،او مربي الدواجن،ولم تعمل على فتح اعتمادات مستندية لاستيراد مايحتاجه المزارعون ومربي الحيوانات من ضروريات لاعادة احياء نشاطهم .

لقد اثرت الخلافات بين الاطراف السياسية على إيجاد الحلول السريعة لمعالجة مالحق بقطاعي الزراعة والثروة الحيوانية في منطقة الجبل الاخضر من اضرار كبيرة ،وذلك سيؤدي الى معاناة اكبر في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية ،ويؤدي الى ارتفاعات متسارعة في اسعار السلع الاساسية ،خاصة الخضروات واللحوم والفواكه ،وقد يؤدي ذلك الى تهديد الامن الغدائي في ليبيا .

بقلم : الدكتور مسعود المهدي السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي 

 

.

أشهر في موقعنا