أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا أن حوادث السير في ليبيا أدت إلى سقوط ما يقارب عشرة آلاف قتيل خلال خمس سنوات، وهو ما يتجاوز عدد ضحايا كل الحروب التي عرفتها البلاد منذ العام 2011.
وخلفت الحوادث المرورية خلال النصف الأول من العام الجاري، 1279 حالة وفاة، إضافة إلى 3514 إصابة بينها 1828 إصابة خطيرة و1686 إصابة بسيطة، وذلك إضافة إلى الأضرار التي أصابت 6160 سيارة. ومن جانبه، كشف مكتب شؤون المرور بمديرية أمن طرابلس أن إجمالي حوادث المرور في العاصمة، خلال الفترة ذاتها، بلغ 491 حادثا، أدت إلى وفاة 127 شخصا، وتسجيل كذلك عدد 106 إصابة بليغة، و178 إصابة متوسطة.
♦ ليبيا تتصدر القائمة الدولية على مستوى ضحايا حوادث السير مقارنة بعدد سكانها بنسبة 73.4 في المئة حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة
وتتصدر ليبيا القائمة الدولية على مستوى ضحايا حوادث السير مقارنة بعدد سكانها بنسبة 73.4 في المئة حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة، فيما حثت وزارة الصحة المواطنين والمؤسسات على التعاون مع شرطة المرور، داعية مستخدمي الطرق إلى التقيد والالتزام بالأنظمة والقوانين المرورية. ويتجاوز عدد الوفيات بسبب حوادث السير في ليبيا عدد ضحايا الحروب والانفلات الأمني، وهو ما بات يؤرق السلطات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى توعية السكان المحليين بضرورة احترام القانون والتسلح باليقظة والانتباه أثناء قيادة السيارات.
وتعود أهم أسباب الحوادث إلى سوء وضع الطرقات وتهور السائقين والتعب أثناء السياقة نتيجة طول المسافات في بلد شاسع المساحة، وكذلك إلى أسعار الوقود التي تعتبر أرخص من الماء، حيث لا يتجاوز سعر لتر البنزين 0.15 دينار ليبي (0.031 دولار)، ووجود السيارات في متناول الجميع تقريبا مع شبهات في طريقة الحصول على رخص القيادة.
ويرى المراقبون أن أغلب الحوادث المرورية في ليبيا هي حوادث دموية، وفي مناسبات عدة، تؤدي إلى مقتل أسر كاملة، لاسيما في الطرق الصحراوية البعيدة حيث يقود السائقون سياراتهم بسرعة قياسية، وحيث تنتشر قطعان الإبل السائبة. وأشارت دراسة حديثة إلى أن من أسباب حوادث المرور، السرعة الفائقة وعدم الانتباه، بنسبة 84.4 في المئة، وتناول الكحول والمخدرات، بنسبة 6.7 في المئة، وعدم احترام قانون المرور، بنسبة 5.6 في المئة. وتبين أن غالبية المتهمين في قضايا حوادث المرور هم من الذكور بنسبة 91.1 في المئة، وممن تتراوح أعمارهم ما بين 31 و40 سنة بنسبة 32.2 في المئة.
ويوصي الخبراء بضرورة الاهتمام بتوفير الإشارات المرورية والخطوط الأرضية للطرق ووضع المطبات الصناعية والحمايات الجانبية التي تسهم إلى حد كبير في الحد من خطر الحوادث، وبأهمية ترسيخ ثقافة السلامة المرورية، واحترام القوانين بإدراج مادة الثقافة المرورية ضمن مناهج الدراسة في البيئة التعليمية، بهدف ترسيخ الوعي المروري والحد من حوادث المرور، وتفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي داخل المكاتب المرورية، بالإضافة إلى فرض عقوبات رادعة على المخالفين لقانون المرور والقواعد المرورية، وتطبيق المخالفات على غير الملتزمين بالقواعد المرورية، والابتعاد عن المجاملات والعلاقات الاجتماعية مع المتهورين في قيادة السيارات، وتحديث وصيانة البنية التحتية للطرق وتصميمها في إطار يراعي سلامة الجميع، وإنشاء معابر تحت الطريق، لتسهيل عبور أي خطر وبخاصة في المناطق السكنية، وأمام المؤسسات التعليمية.
وكانت أعداد من منظمات المجتمع المدني قد دعت في بيان إلى ضرورة الالتزام باستخدام حزام الأمان، واستعمال كراسي وأحزمة الأمان للأطفال داخل المركبات، وإلزام استخدام خوذة الرأس لمستخدمي الدراجات، الهوائية والنارية، ومنع القيادة تحت تأثير الكحول والمؤثرات العقلية الأخرى، ومنع استخدام الهواتف أثناء القيادة، وإلى المتابعة والتقييم المستمرين لحالة سلامة الطرق والاهتمام بصيانتها وتطبيق معايير السلامة المعتمدة، وعدم السماح بتوريد أو استعمال مركبات متهالكة وغير آمنة الاستخدام، والاهتمام بمعايير صلاحية المركبات على الطرق من خلال الكشف الفني الدوري على المركبات.
كما طالبت بأهمية التأكيد على وزارة الداخلية أن تضع برامج توعية وتثقيف حول أهمية تدابير السلامة، واحترام قواعد وإشارات المرور، والتعاون مع رجال المرور في أداء مهامهم، وبث وتنفيذ هذه البرامج من خلال القنوات الإعلامية والمؤسسات التعليمية وبشكل مستمر، وأن تهتم أكثر بتوثيق ونشر الإحصائيات المتعلقة بمؤشرات السلامة على الطرقات، بالإضافة إلى مراجعة وتطوير القوانين المتعلقة بحركة المرور بشكل يتلاءم مع تطورات العصر، ووضع إستراتيجيات وطنية للحد من ضحايا حوادث الطريق ورصد الميزانيات المالية المناسبة لذلك، وعدم السماح بقيادة القاصرين للمركبات الآلية وتشديد العقوبة على من يقوم بتزوير رخص القيادة وتطوير طرق وأساليب التدريب على قيادة المركبات.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن ليبيا لا تخصص أي مبالغ مالية في ميزانيتها السنوية، لوضع إستراتيجيات لأمان الطرق. وعلى مقياس 10 درجات تحصلت ليبيا على درجتين فقط في مقياس تطبيق القانون في مجال الحد من السرعة الزائدة، ودرجة واحدة فقط في مقياس إلزام سائقي الدراجات العادية والنارية باستخدام الخوذات، كما يشير التقرير إلى عدم وجود معايير قياسية للمركبات.
ويجمع أغلب المراقبين على أن لا حل يلوح في الأفق، وأن المطلوب حاليا هو المزيد من التوعية بشروط السلامة المرورية، وتشديد العقوبات على المخالفين وسحب رخص القيادة عند الضرورة، والرفع من قيمة التأمين على السيارات، فيما بات على الدولة صيانة الطرقات ومنع مواطنيها من استعمال السيارات المتهالكة الفاقدة لشروط السلامة، وتأمين الطرقات بوسائل المتابعة والرقابة الإلكترونية، وإدخال التربية المرورية كمادة ضرورية في الفصول الدراسية للمراحل الابتدائية والإعدادية، والعمل على تأسيس شبكة متطورة للنقل العام داخل المدن وبين مراكز المدن وضواحيها وبين مدن الإقليم الواحد، وعلى تأسيس شبكة نقل جوي تتيح التنقل بين الأقاليم والمدن البعيدة كبنغازي وطرابلس وسبها والكفرة وغيرها.
العرب اللتدنية