يعتزم مصرف ليبيا المركزي اطلاق آلية جديدة لبيع النقد الأجنبي الخاص بالاغراض الشخصية،تقوم على بيع العملة الأجنبية بشكل مباشر من قبل المصرف المركزي، وليس عبارة المصارف التجارية كما كان الحال من قبل ،وذلك من خلال تطبيق إلكتروني خاص اعتمده المصرف، تحال بعدها مخصصات الزبون من النقد الأجنبي التي ثم حجزها له إلى حسابه المصرفي، حيث يستطيع بعدها بيع القيمة، أو تحويلها لزبون آخر من خلال حوالةمصرفية،أو أبقاء القيمة في حسابه ،أو التصرف فيها في اي وجه من الأوجه المسموح بها قانونا.
وتأتي هذه الآلية الجديدة التي سيتم العمل بها قريبا كبديل عن الآلية القديمة التي كانت تعتمد على شحن بطاقات مخصصات الأفراد، أو مايعرف ببطاقة 10الالاف دولار من خلال حسابه في احد المصارف التجارية، وعادة ما يقوم صاحب البطاقة ببيعها لاحد تجار العملة،أو أحد المضاربين في بيع وشراء البطاقات، مقابل مبلغ زهيد يتحصل عليه صاحب البطاقة قد لايتعدي 2% من قيمتها،فيما تمنح المضارب وتجار البطاقات فرصةالحصول على مايزيد عن 15%من فارق سعر الصرف ،مما يساهم في انتعاش تجارة العملة في السوق السوداء ، والمضاربة فيها وانخفاض قيمة الدينار الليبي باستمرار.
ورغم ان ليبيا تمتلك احتياطات كافية من النقد الأجنبي بلغت 82.2مليار دولار خلال ال5اشهر الأولى من العام 2023، ،فيما بلغ إجمالي قيمة النقد الأجنبي والأصول المجمدة في الخارج حسب ماذكره رئيس بعتة صندوق النقد الدولي إلى ليبيا 152 مليار دولار، إلا أن هذا الرصيد من العملة الأجنبية اصبح يستنزف بشكل كبير ،نتيجة الطريقة الخاطئة التي تدار بها السياسةالنقدية، ومنح الاعتمادات الضخمة لبعض الأشخاص دون ضمانات قوية،،وتغول تجارة السوق السوداء التي يسيطر عليها عددا من التجار الذين يرتبطون بعلاقات قوية مع أصحاب النفوذ في مصرف ليبيا المركزي.
الهدف من الآلية الجديدة لبيع النقد الأجنبي
تهدف الآلية الجديدة إلى تنظيم بيع النقد الأجنبي، والتحكم في تحديد اسعاره من خلال العمل على تقليص قدرة المضاربين على التلاعب بأسعار العملة، التي تسببت في تعميق الفارق بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي الذي تجاوز 25%. فقد وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام القليلة الماضية الى اكثر من 6.50دينار،فيما تجاوز سعر اليورو حاجز 7.10 دينار .وخلال السنوات الماضية ثم استغلال(مخصصات ارباب الاسر )و( بطاقات الأغراض الخاصة )من العملة الأجنبية، التي كان الهدف منها تلبية حاجة المواطن في العلاج أو الدراسة أو الحج أو غيرها من الأغراض الأخرى، ثم استغلالها للمضاربة بالنقد الأجنبي من قبل تجار الاعتمادات المحضوضين والوهميين، وسماسرة العملة ،وبعض الشركات الخاصة .وحسب رجل الاعمال الليبي المعروف (حسني بي )ان كمية الدولارات التي ثم بيعها خلال 10سنوات الماضية تزيد عن 100مليار دولار، وهي تزيد عن ثلث إجمالي استعمالات النقد الأجنبي المباع لجميع الأغراض. وأكد حسني انه ثم استغلال سياسات ماثم تسمينها ارباب الاسر أو أغراض خاصة أو غيرها من المسميات، لاغراض المضاربة بالنقد الأجنبي من قبل كل من تمكن فعل ذلك.
كما تهدف الآلية الجديدة التي أقرها مصرف ليبيا المركزي إلى ايفاف نزيف الاستيلاء على العملة والمضاربة عليها ،والحد من تنازل أصحاب الحقوق من الأفراد عن حقوقهم في شراء العملة ،والتقليل من استغلال المضاربين لأصحاب الحقوق.،بالإضافة إلى محاولة إدخال عملية التجارة بالنقد الأجنبي في إطار الاقتصاد الرسمي الليبي.
وتتطلب الآلية الجديدة ان يقوم المواطن بإيداع القيمة المطلوبة في الحساب الشخصي الخاص به. وهذه الآلية تمنح صاحب الحساب الحق في التصرف في قيمة العملة الخاصةبه،والحق في تداولها مع الغير من خلال حساب المعني مباشرة. علاوة على هذا كله، تحد الآلية الجديدة من تلاعب بعض المصارف بحسابات الأفراد الموجودة لديها، التي تقوم بحجز الأموال باسم أصحاب الحسابات( ودون علمهم) ثم تعمد هذه المصارف إلى التصرف في هذه الأموال المحجوزة.في الأغراض التي تخدم بعض الأشخاص من العاملين في هذه المصارف.
ويمكن اجمال الهدف من الآلية الجديدة لبيع النقد الأجنبي في الآتي:
_تظمن هذه الآلية ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية (الدينار ) التي كانت تذهب لتجار السوق السوداء، وبالتالي تعمل على توفير قدرا من السيولة النقدية بالمصارف.
_ تمكين المواطن قدر الإمكان من الحصول على حقه من مخصصات النقد الأجنبي دون خضوعه للسمسرة والاستغلال.
_الحد من قدرة السماسرة والمضاربين وتجاز الأزمات من التحكم في أسعار العملة في السوق الموازي(السوق السوداء ).
-تمكين سلطة الرقابة النقدية بمصرف ليبيا المركزي من تتبع حركة العملة الأجنبية داخليا وخارجيا، وبالتالي القدرة على ايقاف اية استعمالات مشبوهة وغير قانونية لهذه الأموال.
_تقليص قدرة تجار العملة وأصحاب الاعتمادات على التحكم والتلاعب سعر العملات الأجنبية،خاصة الدولار، وبالشكل الذي يلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد الليبي.
ورغم أهمية هذه الآلية الجديدة في تنظيم بيع النقد الأجنبي، والحفاظ على رصيد ليبيا من العملة الصعبة من الاستنزاف، لكن مايمكن ان يحد من فاعلية هذه الآلية ضعف شبكة الإنترنت في ليبيا والتي تعتمد عليها عليها هذه الآلية في العمل مما قد يربك عمل المنظومة،وربما الى فشلها،بالإضافة الى عدم وجود الحماية الكافيةللتطبيق من الاختراق، مما قد يعرض حسابات الأفراد للعبث والسرقة.
بقلم : الدكتور مسعود المهدي السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي