Skip to content

خصخصة الشركات العامة في ليبيا يثير موجة من الرفض.

اصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة القرار رقم(46)لسنة 2024 والقاضي بخصخصة 7شركات عامة متعترة تتبع وزارة المواصلات والنقل،بعد نقل تبعيتها الى الهيئه العامه لتشجيع الاستثمار وشؤون الخصخصة، ولايعرف هل نقل ملكية هذه الشركات _التي يعمل فيها مايقرب من 17الف عامل أغلبهم لم يتقاضو مرتباتهم لمدة تزيد عن 9سنوات _إلى القطاع الخاص سيكون بيعا كليا او جزئيا لبعض اسهمها وهذه الشركات هي :
شركة شحات للتوكيلات الملاحية، شركة جرمة للتوكيلات الملاحية، الشركة العالمية للملاحة والتوكيلات الملاحية، الشركة العامة للنقل السريع، الشركة العامة للطرق والجسور، الشركة الليبية للتموين، والشركة الليبية للمناولة والخدمات الأرضية.
وقد جاء قرار الخصخصة _حسب بعض المصادر _بسبب المشاكل المالية التي تعاني منها هذه الشركات نتيجة الفساد وسوء الإدارة مما جعلها عاجزة عن دفع مرتبات العاملين بها منذ عدة سنوات. فيما أشارت بعض المصادر الأخرى ان السبب الأول في الخصخصة هو محاولة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة التقليل من فاتورة الإنفاق العام الضخمة والتي يشوبها الفساد والهدر الذي تتهم به حكومته والتخلص من هذه الشركات المفلسة .
وقد تسبب قرار حكومة الوحدة الوطنية في خصخصة هذه الشركات في إثارة جدل واسع بين من هو يؤيد القرار لأسباب يراها اقتصادية، وبين من يعارضه لأسباب ايضا اقتصادية واجتماعية خاصة لأهمية هذه الشركات في ضمان معيشة المئات من الاسر الليبية وتقديم الخدمات للمواطنين، وبالتالي فإن خصخصتها قد يسبب أثار سلبية مباشرة على المواطن العادي،.
كما تسبب القرار في توجيه انتقادات حادة واتهامات لحكومة الدبيبة خاصة من قبل خصومه السياسيين،وصلت إلى أن رئيس
الحكومة الموازية(شرق البلاد )أسامة حماد اتهم الدبيبة بمحاولة الاستيلاء على الاصول التابثة والمنقولة المملوكة لهذه الشركات واختلاس ارصدتها المودعة في حساباتها. فيما اعتبر عضو مجلس النواب الصادق الكحيلي قرار الدبيبة نقل تبعية 7شركات للهيئة العامة لتشجيع الاستثمار والخصخصة بأنه أجراء هدفه السيطرة على كل مصادر الأموال في الدولة لمصلحته الشخصية(الدبيبة ).كما آثار القرار حالة من الرفض لدى نقابات العمال لدى هذه الشركات، فقد طالبت النقابة العامة للشركة العامة للخدمات الأرضية بمحطة مطار مصراته النائب العام بالعمل على وقف تنفيذ قرار الدبيبة، واصفة اياه بالقرار العشوائي وغير المدروس .
وحسب المحلل المالي علي بن سالم ان الشركات 7 المحالة للخصخصة تعاني خلال 10السنوات الأخيرة من الخسائر المالية المتلاحقة وسوء الإدارة،معتبرا ان قرار حكومة الوحدة الوطنية وجيه من اجل وضع حل للشركات المتعترة التي تستنزف الخزينة العامة. من جهته ،ينصح استاذ إدارة الأعمال بجامعة طرابلس مصطفى خليفة بتبني سياسة الخصخصة بالاقتصاديات المعاصرة، لما تحققه هذه السياسة من منافع وأهداف عديدة تسعى جميع الدول إليها.
بالمقابل، يرى المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي ان قرار خصخصة 7شركات عامة يعمل فيها الالاف المواطنين من الذين يعولون اسرهم قرار متسرع وغير صائب ، خاصة في ظل الانقسام السياسي الحالي ، مطالبا بضرورة معالجة الأوضاع المالية للشركات ودفع الرواتب والالتزامات قبل الحديث عن الخصخصة.
إن خصخصة الشركات العامة المتعثرة والمفلسة هو خيار اقتصادي عادة تلجأ اليه العديد من الدول لازالة التشوهات التي تلحق باقتصادها، لكن اتخاذ مثل هذا القرار يستدعي وجود حكومة موحدة ومستقرة،بعيدا عن ضغط وسلبيات المراحل الانتقالية، حتى لاتسقط عملية خصخصة هذه الشركات وغيرها في وحل الارتجالية والتسرع والتفريط في المقدرات العامة للدولة، وهو مايعد دافعا آخر لحالة الرفض التي قوبل به هذا القرار.
والمشكلة الاساسية ليست في خصخصة بعض الشركات العامة المتعترة في ليبيا،خاصة أن هناك كثير من الشركات الخاصة نجحت في زيادة رأسمالها وساهمت في تحريك الاقتصاد الوطني، سواء في ليبيا أو في غيرها من الدول التي اختارت نهج الاقتصاد الحر ،إلا أن حكومة الوحدة الوطنية قد لاتكون مؤهلة لاتخاد مثل هذه الخطوة، في ظل حالة الانقسام السياسي، وعدم وجود سلطة تنفيذية منتخبة بشكل مباشر تستطيع تحمل تبعات مثل هذا القرار،وايضا في ظل ارتفاع مؤشرات الفساد في ليبيا وانتشاره في كل قطاعات الدولة تقريبا، ووسط اعتراضات واسعة رسمية وشعبية على الصفقات التي تعقدها حكومة الوحدة الوطنية مع القطاع الخاص او الشركات الدولية، كما هو الحال في الاتفاقيات التي ابرمت مع بعض الشركات النفطية الأجنبية ،والتي اعتبرت انها اتفاقيات ابرمت لأهداف سياسية، وهي اتفاقيات مجحفة وتعد تفريطا في ثروة الليبيين،علاوة على التساؤل الذي قد يثار حول ماسيترتب على خطوة خصخصة هذه الشركات من تبعات اقتصادية واجتماعية سلبية وغير محسوبة.يصعب التخلص منها .

بقلم: الدكتور مسعود المهدي السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي.

أشهر في موقعنا