Skip to content

نظام الكفيل في ليبيا بين تنظيم العمالة الأجنبية والأغراض السياسية

 

الدكتور مسعود المهدى السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة

تتجه حكومة الوحدة الوطنية إلى البدء في تطبيق نظام الكفيل الخاص باستجلاب وإقامة العمالة الأجنبية في ليبيا، فقد اعلن وزير العمل والتأهيل علي العابد عن اعتماد نظام الكفيل وفقا لما نص عليه القانون رقم 24لسنة 2023 الخاص باقامة وعمل الأجانب في ليبيا..
وحسب بيان الحكومة ان الهدف من تطبيق نظام الكفيل هو تنظيم وجود العمالة الأجنبية،والعمل على رعايتها،وحمايتها من الاستغلال المادي والجسدي من خلال ابرام عقود عمل رسمية تكون ملزمة للكفيل من أصحاب العمل والشركات المتخصصة في جلب العمالة،

وتضمن حصول العمالة الأجنبية على حقوقها المادية كاملة، وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية لها،
وتعتبر هذه الخطوة مطلوبة رسميا وشعبيا على حد سواء ،لأن عدم تنظيم وجود هذه العمالة يشكل تهديدا للامن القومي الليبي، ويؤتر سلبيا في التركيبة الديموغرافية، ويلحق الضرر بالاقتصاد نتيجة تحكم العمالة الأجنبية في قطاعات مهمة لحياة المواطنين،والتحويلات المالية التي تقوم بها عن طريق السوق السوداء.
وحسب إلتصريحات الاخيرة لوزير العمل علي العابد فإن عدد عدد العمالة الاجنبية في ليبيا يزيد عن 2 مليون و 100 الف عامل ينتمون إلى 44 دولة عربية وأفريقية واسيوية،وهم يعملون ويتقاضون دخول شهرية عالية تفوق الدخل الشهري لمعظم العاملين الليبيين، كما انهم يقومون بتحويلات مالية سنوية إلى الخارج تبلغ اكثر من 26 مليار دينار ،يتم تحويل معضمها عبر السوق السوداء، .كما أن اغلب هذه العمالة لا يدفعون ما عليهم من التزامات مالية للدولة مثل ضريبة الدخل ورسوم الاقامة وفواتير الكهرباء والماء وغيرها، ، و تحصل على السلع الأساسية المدعومة والموجهة أساسا للمواطن الليبي،
في الوقت ذاته فإن بعض الدول التي تأتي منها هذه العمالة لاتطبق مبدأ المعاملة بالمثل على المواطنين الليبيين، فالمغرب التي يوجد لديها اكثر من 30000 عامل مغربي في ليبيا تمنع المواطنين الليبيين من الحصول على التأشيرة المغربية لغرض السياحة او العلاج او الزيارة، ،كما يعاني المسافرين الليبيين الى مصر للعلاج او السياحة من سوء المعاملة والاستغلال،وأحيانا يفرض عليهم دفع رسوم غير مستحقة قانونيا.
في هذا الخصوص يؤكد عضو مجلس النواب صالح فحيمة” ان ليبيا في حاجة لتقنين وجود العمالة الأجنبية ليس فقط من اجل الليبيين وإنما من اجل العمالة الأجنبية نفسها فهي ستستفيد من هذه الخطوة من خلال ضمان الحصول على حقوقهم المادية والمعنوية،والحصول على الرعاية الصحية والاجتماعية الواجبة لهم”.
ومن جهته يقول وكيل وزارة العمل والتأهيل عبد الهادي القاضي” ان نظام الكفيل هو عملية تنظيمية لااكثر يتم عن طريقها تنظيم دخول العمالة عبر المنافذ الشرعية للدولة، إضافة إلى حصر عدد العمالة في الدولة الليبية، وبهذه الطريقة تضمن حقوق العامل في حالة تقاعس الكفيل في توفير الخدمات ومستحقاته”.
من جهة تانية، يثير تطبيق نظام الكفيل في ليبيا المخاوف حول ما إذا كانت هذه الخطوة تحمل أغراضا او أهداف سياسية ،تدفع ثمنها العمالة الأجنبية،بحيث يتم استخدام نظام الكفيل كوسيلة للضغط على بعض الدول وخاصة دول الجوار لاسباب سياسية من اجل الحصول على بعض المكاسب والدعم السياسي، خاصة في ظل الانقسام الحاصل في البلاد ،والصراع بين الأطراف السياسية على السلطة والمال

وتبدي بعض المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان مخاوفها من ان تطبيق نظام الكفيل قد يؤدي الى حدوث انتهاكات تطال العمالة،وان يتم استغلالهم في دفع الرشى ولعمولات مقابل تسهيل اقامتهم وعملهم ،وتسهيل حركة تنقلهم.
والخلاصة، إن ليبيا باتت مسرحا تتواجد عليه العمالة الأجنبية من كل اقطاب الارض، من الدول المجاورة والدول البعيدة. وهي بحكم موقعها الجغرافي، واتساع حدودها التي تربطها مع 6 دول مجاورة، وماتعانيه ليبيا من مشكلة تدفق الهجرة غير الشرعية، ومؤخرا تدفق اللاجئين من السودان بعشرات الالاف اصبحت في حاجة للقيام بتنظيم وجود العمالة الأجنبية على اراضيها، وتوجيه وجودها بما تقتضيه المصلحة العامة للدولة، وبما يضمن صيانة امنها القومي بكل جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والامنية.
واذا تم تطبيق نظام الكفيل بطريقة جيدة،وعادلة وشفافة، وبما يحقق التوازن المطلوب بين التنظيم والمرونة في سوق العمل، ودون ان يكون هذا النظام موجها لاستغلال العمالة والتضييق عليها، ودون الاستعانة بالنمودج الاستغلالي الفاشل في بعض الدول ويتم تطبيقه كما هو في ليبيا،فإن ذلك سيساهم في ضمان حقوق العمالة الأجنبية وتعزيز كفاءة الاقتصاد الوطني.

أشهر في موقعنا