تمهّد تقنية جديدة في استخراج الليثيوم الطريق أمام إتاحة إمدادات وفيرة من هذا المعدن الإستراتيجي الذي تعتمد عليه صناعات حيوية عديدة مثل البطاريات والسيارات الكهربائية.
ونجحت التقنية الجديدة المطورة بوساطة شركة أميركية في بدء الإنتاج التجاري لهذا المعدن الإستراتيجي، مستعملةَ مادة معينة لديها القدرة على امتصاص الليثيوم من المحاليل الملحية وتفادي عيوب الطرق الحالية في استخلاصه.
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تعتمد آلية استخراج الليثيوم -حاليًا- على طريقتين، الأولى عبر تكسير الصخور الصلبة، وخاصة أحجار الإسبودومين والليبيدوليت، والثانية عبر تبخيره من المحاليل الملحية.
تقنيات الاستخراج المباشرة
أضحت إنترناشونال باتري ميتالز (International Battery Metals) رائدة استخراج ومعالجة الليثيوم، ومقرّها مدينة هيوستن الأميركية، أول شركة تُنتِج الليثيوم تجاريًا بفضل استعمالها تقنية ترشيح جديدة، في خطوة يُتوقع أن تمهّد الطريق أمام إتاحة أمدادات رخيصة وسريعة من المعدن الحيوي، وفق ما هو منشور في موقع الشركة.
وفي موقع ريفي بولاية يوتا مملوك لشركة يو إس مغنيسيوم (US Magnesium) الأميركية الخاصة، بدأت إنترناشونال باتري ميتالز المعروفة اختصارًا بـ”آي بي إيه تي” (IBAT) في إنتاج الليثيوم تجاريًا هذا الأسبوع بمعدل قرابة 5 آلاف طن متري سنويًا، مستعملةً تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً “دي إل إي” (DLE).
وسبقت “آي بي إيه تي” أقرانها من الشركات الأخرى، أمثال ستاندارد ليثيوم (Standard Lithium) وإس إل بي (SLB) وإراميت (Eramet)، وغيرها في التوصل إلى تقنية استخراج الليثيوم الجديدة.
ومع ثبوت جدواها تجاريًا، فإنه من المتوقع أن تنمو تقنية استخلاص الليثيوم مباشرةً في خلال عقود لتتحول إلى صناعة تلامس إيراداتها السنوية 10 مليارات دولار عبر تعزيز سرعة وكفاءة إنتاج الليثيوم وتخصيصه لمصنّعي السيارات الكهربائية وآخرين، على غرار إسهام تقنية التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي في تعزيز إنتاج النفط الأميركي.
تعزيز الإمدادات العالمية
في معرض تعقيبه على تقنية استخراج الليثيوم الجديدة، قال رئيس شركة “آي بي إيه تي” جون بوربا: “تسهم التقنية الجديدة في تعزيز إمدادات الليثيوم العالمية، ونحن نشعر وكأننا وصلنا إلى لحظة فاصلة في تلك الصناعة”.
ووفق تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تحتوي رواسب المياه المالحة في أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية وأماكن أخرى على قرابة 70% من احتياطيات العالم من المعدن الخفيف، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة
واعتمدت آلية إنتاج الليثيوم تاريخيًا على برك التبخير المُستعمَلة لاستخلاص هذا المعدن من تلك المحاليل الملحية، أو المناجم المفتوحة عبر إزالته من رواسب الصخور الصلبة.
غير أن الاستعمال المكثف للمياه والبصمة الكربونية لتلك التقنيات، إلى جانب أوقات تطويرها وإنتاجها الطويلة، أدى إلى البحث عن خيار ثالث.
وعلى الرغم من اختلاف تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً، فإنه من الممكن مقارنتها بأجهزة تنقية المياه المنزلية الشائعة، وتستهدف تلك التقنية استخلاص قرابة 90% أو أكثر من الليثيوم من المحاليل الملحية، قياسًا بنحو 50% باستعمال البرك.
بدء الإنتاج تجاريًا
سبق أن استعملت شركة أركاديوم ليثيوم (Arcadium Lithium)،وغيرها من الشركات الأخرى، تقنية استخراج الليثيوم مباشرةً إلى جانب برك التبخير، ولكن لم تتمكن تلك التقنية مطلقًا من الوصول إلى الإنتاج التجاري من قبل؛ ما أشعل المنافسة بين الشركات العالمية.
ويتّسم العديد من رواسب المحلول الملحي بتركيبات كيميائية متنوعة؛ ما يعني أنه من المرجّح ألّا تبرز تقنية واحدة من تقنيات استخراج الليثيوم مباشرةً معيارًا عالميًا.
فعلى سبيل المثال، يحوي العديد من الرواسب الصينية تركيزات عالية من المغنيسيوم، كما تحوي الرواسب في بوليفيا -وهي من بين أكبر الرواسب في العالم- مستويات عالية من البوتاسيوم.
ولطالما ثبتت صعوبة فصل الليثيوم عن تلك المعادن التي تكون ممتزجة معه في المحاليل الملحية؛ ما حيّر العلماء العاملين على تقنيات استخراج الليثيوم مباشرةً لسنوات.
وتتزامن تقنية إنتاج الليثيوم الجديدة المُعلَنة مؤخرًا مع تراجع أسعار المعدن بأكثر من 80% خلال العام الماضي؛ ما أشعل موجات تسريح عمالة في العديد من الشركات أمثال ألبيمارل (Albemarle) وليك ريسورسيز(Lake Resources) وغيرها.
مصنع محمول
قالت إنترناشونال باتري ميتالز، إنها نجحت في إنتاج الليثيوم على نطاق تجاري بفضل مصنعها الصغيرة نسبيًا، بتصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ففي الوقت الذي حاولت فيه شركات منافسة على مدار أكثر من عقد إنتاج الليثيوم تجاريًا، شملت خططهم على إنتاج 20 ألف طن سنويًا أو أكثر في منشآت دائمة تقع في مناطق نائية يصعب توصيل العمالة والإمدادات إليها.
لكن “آي بي إيه تي” بنَت مصنعًا محمولًا في ولاية لويزيانا لا يتجاوز طوله 137 مترًا (450 قدمًا)، ثم نقلته في 13 جزءًا إلى موقع شركة “يو إس مغنيسيوم”، ويسحب المصنع المحلول الملحي من بحير الملح العظمى.
وتخطط الشركة لإضافة مصانع أخرى لتعزيز الإنتاج سنويًا إلى 5 آلاف طن.
واستغرق بناء المصنع المحمول وبدء الإنتاج منه 18 شهرًا، علمًا بأن تكلفته الاستثمارية تتراوح بين 50 و60 مليون دولار.