تُتداول أسعار النفط بالقرب من أدنى مستوياتها في 2024، مع تخلّيها عن معظم مكاسب الأسعار الفورية خلال العام، وفق ما رصده تقرير حديث حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومع ذلك، حقّق المستثمرون في النفط خلال العام عائدات مرتفعة بفضل المكاسب الناتجة عن المنحنى الهبوطي للعقود الآجلة، والضمانات النقدية من أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة.
يأتي ذلك وسط تحركات يقودها الوسطاء الدوليون بقيادة مصر وقطر والولايات المتحدة، لمعالجة الخلافات التي تعرقل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؛ ما ساعد على تهدئة المخاوف بشأن انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط.
كما أثّرت المخاوف من ضعف الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط، في معنويات السوق، بعد أن خفضت وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” توقعاتها لنمو الطلب في 2024 و2025.
عوامل تؤثّر في أسعار النفط
أرجع تقرير بنك الاستثمار السويسري انخفاض أسعار النفط إلى عدّة عوامل، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأشار التقرير إلى أن مخاوف الركود في الولايات المتحدة في أعقاب تقرير سوق العمل الضعيف، قد أدت إلى بدء عمليات البيع، كما أدت آمال وقف إطلاق النار المستمرة في غزة إلى خفض علاوة المخاطر على النفط الخام.
وأخيرًا، أثار ضعف واردات الخام الصينية ونشاط المصافي في يوليو/تموز 2024 مخاوف من ضعف الطلب الصيني على النفط؛ إذ كانت الصين في الماضي محركًا لنمو الطلب على النفط، لذا فإن ضعف شهر يوليو/تموز المنصرم من المرجّح أن يزيد من مخاوف الطلب.
وقال محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري، جيوفاني ستانوفو -الذي أعدّ التقرير-: “بينما ندرك أن هذه العوامل ليست ذات فائدة كبيرة، فإن عوامل أخرى تشير إلى صورة أكثر إيجابية للنفط”.
وكان الطلب على النفط قويًا للغاية في الأشهر الأخيرة في اثنتين من أكبر 3 دولة مستهلكة للنفط، وهما الولايات المتحدة والهند.
ويرى جيوفاني أن الصورة في الصين -رغم تأثّرها بالبيانات الاقتصادية الضعيفة- تبدو أفضل قليلًا في شهر أغسطس/آب الجاري، مع انتعاش واردات الخام بقوة.
كما استمرت مخزونات الخام العالمية الملحوظة في الانخفاض على مدار الشهرين الماضيين، ما يشير إلى أن نمو العرض يتخلّف عن نمو الطلب.
وذكر التقرير أن نمو إنتاج الخام الأميركي يتباطأ، مشددًا على أن انخفاض نشاط الحفر لا يشير إلى تسارع بنمو العرض في الأمد القريب.
تخلص أوبك+ من تخفيضات الإنتاج
بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير بنك الاستثمار السويسري يو بي إس، إلى أنه من المرجّح أن يلتزم تحالف أوبك+ بنهجه الحذِر عند إضافة الإمدادات مرة أخرى.
وقال محلل السلع لدى البنك جيوفاني ستانوفو: “يجب أن نحصل على مزيد من الوضوح بشأن نوايا المجموعة بحلول أوائل سبتمبر/أيلول، حول ما إذا كانت تخطط لإضافة براميل في أكتوبر/تشرين الأول”.
وكان تحالف أوبك+ قد أعلن، في يونيو/حزيران 2024، تمديد تخفيضات إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا حتى نهاية 2025، مع تمديد مدة التقييم من قبل المصادر الـ3 المستقلة حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2025، لاستعمالها دليلًا إرشاديًا لمستويات الإنتاج المرجعية لعام 2026.
كما قررت السعودية و7 دول أعضاء تحالف أوبك+ تمديد التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط بواقع 2.2 مليون برميل يوميًا حتى نهاية الربع الثالث من عام 2024، مع تمديد الخفض الأول الذي بدأ في مايو/أيار 2023، بواقع 1.6 مليون برميل يوميًا، إلى نهاية 2025.
وحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ستُعاد كميات الـ 2.2 مليون برميل يوميًا بالتدريج على أساس شهري من أكتوبر/تشرين الأول 2024 حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2025، ويُمكن إيقاف هذه الزيادة الشهرية، أو عكسها، وفقًا لمستجدات السوق.
ارتفاع طفيف لأسعار النفط
في سياقٍ متصل، ارتفعت أسعار النفط هامشيًا، خلال تعاملات اليوم الخميس (22 أغسطس/آب 2024)، محاولةً لتعويض جزء من الخسائر التي لحقت بها في الجلسات الـ4 السابقة، وسط مخاوف من تراجع الطلب عالميًا.
وتلقّت أسعار الخام دعمًا من انخفاض مخزونات الوقود الأميركية، على الرغم من قلق المستثمرين بشأن توقعات الطلب العالمي، خاصة في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
وبحلول الساعة 07:17 صباحًا بتوقيت غرينتش (10:17 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة)، ارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم أكتوبر/تشرين الأول 2024، بنسبة 0.13%، لتصل إلى 76.15 دولارًا للبرميل.
في الوقت نفسه، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي، تسليم أكتوبر/تشرين الأول 2024، بنسبة 0.01%، لتصل إلى 71.93 دولارًا للبرميل، بحسب الأرقام المقارنة التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وكانت أسعار النفط قد أنهت تعاملات أمس الأربعاء 21 أغسطس/آب على تراجع بنحو 2%، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الرابعة على التوالي، وسط تفاؤل بتراجع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.