Skip to content

تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي: تفاؤل حذر وتحديات صعبة

 

الدكتور مسعود المهدى السلامي
أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة

نجحت الجهود الدولية والمحلية برعاية البعتة الاممية في الوصول الى إتفاق لحل ازمة مصرف ليبيا المركزي، وتعيين محافظ جديد للمصرف خلفا للمحافظ المقال الصديق الكبير. الذي قضى مايقرب من 13 عاما في هذا المنصب ،هيمن فيها بشكل كامل على مقاليد مصرف ليبيا المركزي دون حسيب ،او رقيب يأتي في وقت حرج يشهد فيه الاقتصاد الليبي تحديات كبيرة، وتخوفات حول مستقبل السياسة النقدية في البلاد، علاوة على انه يمتل حقبة جديدة،وخطوة محورية في تجديد الشرعية لمؤسسة مصرف ليبيا المركزي،وخطوة في إطار تحركات أوسع للتعامل مع الازمة المالية.

وتتجه الانظار إلى التأثيرات المتوقعة لتعيين محافظ لمصرف ليبيا المركزي، وهل يمتل هذا التعيين بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي.

تفاعلت السوق السوداء بطريقة إيجابية مع الاتفاق على تكليف مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي حيث استعاد الدينار عافيته مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وصلت الى نسبة 11% مقابل الدولار الأمريكي ومن المتوقع ان يستعيد الدينار مزيدا من عافيته خاصة بعد قيام المحافظ الجديد بتشكيل مجلس إدارة المصرف، واتخاده كم هو متوقع خطوة إعادة تنظيم سوق بيع وشراء العملة الأجنبية.

وعادت المصارف والمؤسسات الدولية تدريجيا للتعامل مع مصرف ليبيا المركزي من خلال ربط المعاملات المالية مع المصرف، بعد قطيعة فرضها نحو 30 مصرفا ومؤسسة مالية دولية، مما سيؤدي إلى استعادة المصرف المركزي قدرته في تحصيل وتحويل إيرادات النفط،كما سينتهي التوقف غير المعلن لمبادلات التجارة الخارجية عبر الاعتمادات المستندية، مما يحرك عملية استيراد السلع الأساسية ومنها الغداء والدواء.

إعادة فتح الحقول والمواني النفطية.

عادت الحقول والمواني النفطية للإنتاج والعمل بعد أعلان رئيس الحكومة الموازية التي تتخد من شرق البلاد مقرا لها أسامة حماد عن حالة القوة القاهرة عن الحقول النفطية والمواني النفطية في شرق وجنوب البلاد، بعد ان كتفت البعتة الاممية والقوى الدولية من ضغوطها على الأطراف المعنية بإغلاق الحقول والمواني النفطية، في إطار الاتفاق الذي تم التوصل اليه.
يقول استاذ التمويل سليمان الشحومي “أن آثار اختيار المحافظ الجديد ستكون مهمة على صعيد عمل القطاع المصرفي وفقا للقانون،وتفعيل كل عمليات ولجان ومجلس إدارة المصرف ألتي كانت معطلة لفترة طويلة، مشيرا إلى أن الإدارة الجديدة سيكون لها تأثير على تعزيز دور المصرف المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي”.

تحديات صعبة تواجه الإدارة الجديدة للمصرف.

على الرغم من أنتهاء الازمة وتجنب البلاد التحول إلى الاسوأ،الآ أن القيادة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي تواجه تحديات صعبة حيث أن المشاكل الأساسية لاتزال قائمة، ويتمتل التحدي الأصعب في كيفية تعامل الإدارة الجديدة مع إدارة الأموال المتاحة في ظل وجود حكومتين متنافستين على الموارد، وإعادة هيكلة المصرف وإصلاح النظام المالي، واستقلالية عمل المصرف وتجنب خضوعه لمنطق المحاصصة المالية التي تحاول أن تفرضها الأجسام الجاتمة على السلطة، خاصة وأن الاتفاق اعاد تدوير نفس النخب داخل المؤسسات نفسها، وهذه النخب لا تخضع عادة للمساءلة في كثير من الأحيان،وعادة ما تعمد هذه النخب إلى افتعال الأزمات والمشاكل عندما تجد أن الأمور تذهب في تجاه لايخدم مصالحها الخاصة ، وهو ماقد يعيد الأوضاع في أي وقت الى المربع نفسه القائم قبل أزمة المصرف.

ومن الصعب توقع تغييرات كبيرة في السياسة النقدية والمالية لمجلس الإدارة الجديد، فالمحافظ ونائبه كانا من رفاق المحافظ المقال الكبير، وساهما معه في صناعة السياسات النقدية والمالية في المرحلة السابقة، كما ان طبيعة الوضع المؤقت سيفرض عليهما عدم اتخاد قرارات كبيرة،،وربما يتم حصر الإنفاق في المرتبات وغيرها من الاحتياجات الضرورية، كما انه ليس من المتوقع أن مجلس الإدارة الجديد سيبادر بإلغاء الضريبة المفروضة على بيع النقد الأجنبي. كما انه من غير المتوقع ايضا أن يتم الغاء فئة 50 دينار من التداول.

يقول المحلل الاقتصادي مدحت الغدامسي” أن الإدارة القادمة للمصرف لن تحقق الانتعاش الاقتصادي أو الاستدامة المالية في الاجل المتوسط”.
أن الاختبار الحقيقي لمدى نجاح المحافظ الجديد ناجي عيسى ونائبه مرعي البرعصي في إدارة المصرف ستظهر عند نشوب اول خلاف بين الأطراف السياسية حول المحاصصة وتقاسم المصالح بينهم،ومدى قدرتهما في عدم الخضوع لجشع هذه الأطراف ومطالبها بالحصول على المزيد من الأموال. ولايمكن التعويل على مصرف ليبيا المركزي وحده في إصلاح النظام المصرفي والمالي في ظل التخبط والعشوائية في إدارة الاقتصاد الوطني، وفي ظل عدم وجود خطط وبرامج استراتيجية معتمدة من الجهات الرقابية، وخضوع المسئولين لمنظومة محاسبة ومسألة دقيقة وحقيقية.

ورغم أن التوافق على تكليف قيادة جديدة للمصرف المركزي بعث نوعا من التفاؤل حول امكانية تخطي الازمة ،والنجاح في احداث استقرار في عمل المصرف ، وتحسن الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، لكن ذلك لاينهي القلق حول صمود هذا التوافق والبناء عليه مستقبلا في حل ازمات اقتصادية اخرى، امام تجارب الغاء الأطراف السياسية العديد من الاتفاقات السابقة.

أشهر في موقعنا