الدكتور مسعود المهدي السلامي: أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة
كشف مصرف ليبيا المركزي في الأيام القليلة الماضية عن منح 1038 اعتمادا مستنديا خلال شهر ابريل الماضي لعدد من الشركات، بقيمة اجمالية تبلغ حسب مانشر على صفحة المصرف 200 مليون دولار، لاستيراد كميات من المنتجات والسلع مثل: المواد الغذائية والأدوية والالكترونيات والبتروكيماويات والأعمار والمقاولات وقطع غيار السيارات، واللحوم والمواشي والاتاث المنزلي، بالإضافة الى بعض السلع والمنتجات الاستهلاكية الأخرى .
وورد في بيان المصرف انه من بين السلع التي تم منح اعتمادات مستندية لاستيرادها خلال شهر أبريل السلع الآتية:٥
_ارجل دجاج مجمد بقيمة 2.8 مليون دولار.
_مستحضرات تجميل بقيمة 629 الف دولار.
_حلوى شامية بقيمة 191 الف دولار.
_حلوى للأطفال(مصاصات) بقيمة 160 الف دولار
مراحيض معلقة بقيمة 112 الف دولار.
_علكة بقيمة 65 الف دولار.
وتحصلت شركات أخرى على اعتمادات مستندية لاستيراد الاتاث المنزلي ومنتجات العناية بالبشرة والمايونيز، وغيرها .ومن اللافت تكرر أسماء عدد من الشركات التي تم فتح اعتمادات مستندية لها، مما يشير إلى أن أصحاب هذه الشركات لهم الحضوة في الحصول على الاعتمادات ،واقصاء شركات اخرى لها نفس الحق ،الامر الذي يتسبب فى غياب المنافسة، وضياع فرصة اختيار الشركات الأكثر جودة والاقل سعرا .
وحسب الرئيس الاسبق لهيئة مكافحة الفساد “ان هناك فساد في منح الاعتمادات المستندية ،وأن نسبة الفساد تصل في بعض الأحيان إلى 70%، نتيجة عدم وجود رادع قانوني ومتابعة دقيقة للشركات ألتي تحصل على الاعتمادات بالدولار بالسعر الرسمي ولاتورد بضائع “. وفي نفس السياق تحدث رئيس ديوان المحاسبة عن هيمنة بعض رجل الاعمال على اللجنة المعنية بتنفيذ الموازنة الاستيرادية، وتفشي مظاهر الوساطة والمحسوبية، وعرقلة بعض الجهات توفير الاحتياجات الأساسية من السلع الغذائية والأدوية، مما ساهم في احتكار البعض من رجال الأعمال وأصحاب الشركات لتلك السلع والمضاربة بها “.
ومن المعلوم ان الاعتمادات المستندية تستنزف مايزيد عن40% من إجمالي استخدام النقد الأجنبي، وبالتالي فإن استمرار المصرف المركزي في فتح اعتمادات لاستيراد سلع استهلاكية ليست من الضروريات الأساسية للمواطن، وعدم توجيه النقد الأجنبي في مشاريع وقطاعات اقتصادية منتجة،تزيد من نسبة الاستنزاف في النقد الأجنبي تجعله شريكا في أهدار المال العام، وفي التفريط في احتياطيات البلاد من العملةالصعبة، وتهريب العملة، وربما التسبب في عمليات غسيل أموال، ثم يلجأ المصرف معالجات مؤقتة، والى سياسات نقدية ملتوية مثل فرض المزيد من الضرائب والاتاوات على المواطن المغلوب على أمره، مثلما حدث في فرض ضريبة 27%على بيع النقد الأجنبي والتي تسببت في ارتفاع الأسعار، والتسبب في إفقار نسبة كبيرة من الليبيين.
ان الهدف الأساسي من منح الاعتمادات المستندية هو سد حاجة السوق المحلي من السلع والمنتجات الأساسية الغير متوفرة او التي تشهد نقصا حادا في السوق المحلي، وفق الشروط والظوابط المطلوبة،
لكن وعلى خلاف ذلك اصبحت الاعتمادات وسيلة للاستيلاء على العملة الصعبة التي يتم ايداعها في حسابات مصرفية بالخارج، او يتم ضخها في السوق السوداء من خلال سماسرة العملة، وهو مايعد نهبا ممنهجا للمال العام، وفسادا هو الابشع في تاريخ ليبيا.