كشفت دراسة من نوع جديد للبنك الدولي وجود ملامح لتقارب نسبي في النشاط الاقتصادي في مناطق ليبيا، بناء على تحليل سطوع الأضواء ليلا كمؤشر قوي للنشاط الاقتصادي.
وأوضحت الدراسة أن تحليل كثافة الإضاءة ليلا يُظهر تركز أكثر من 60% من النشاط الاقتصادي غرب البلاد في العام 2012، بينما كان الإسهام الباقي للمناطق الأخرى يصل إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن بحلول العام 2023، توازن توزيع النشاط الاقتصادي، حيث ارتفعت حصة المناطق الشرقية إلى 35.5%، بينما انخفضت في المناطق الغربية إلى 55.4%.
ليبيا إلى تقارب نسب النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء البلاد، مع الإقرار بنقاط الضعف في استخدام إضاءة الليل كمؤشر، حيث قد لا يشمل كامل نقاط الأنشطة، إذ إن الاتجاه نحو التقارب «يعتبر تطورا إيجابيا يحمل آفاقا إيجابية محتملة للنمو الشامل والتنمية في البلاد»، وفق البنك الدولي.خسرت ليبيا عقدا كاملا من التنمية بين العامين 2000 و2010، وشهد حينها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالدولار متوسط نمو قدره 1.47%، متجاوزا نسب النمو المسجلة في العربية السعودية والكويت. وخلال هذه الفترة، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 11 ألفا و170 دولارا إلى 12 ألفا و925 دولارا. ومن ثم، لو استمر هذا الاتجاه لبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مستوى 15 ألفا و177 دولارا في العام 2021، بدلا من 9 آلاف و43 دولارا المسجل حاليا، أي بارتفاع 69% من المستوى الراهن.
كما أنه إذا تحقق استقرار سياسي مستدام، فإن أهمية قطاع الهيدروكربونات في الاقتصاد الليبي يمكن أن تؤدي إلى استعادة سريعة للناتج المحلي الإجمالي مستواه السابق للصراع.
يثبت البنك الدولي أن هناك صلة وثيقة بين أداء الناتج المحلي الإجمالي والوضع الأمني، حيث يتراجع مؤشر الناتج الإجمالي المحلي بنحو 2.5% في حال اندلاع معارك.
ولفت البنك الدولي إلى أن بطء عملية توحيد المؤسسات الليبية حد من قدرة المؤسسات العامة على القيام بأنشطتها الأساسية، مع وجود نزعة لاستخدام الأموال والمناصب كوسائل للمقايضة بين الشرق والغرب.
في مطلع يونيو الماضي، أشار البنك الدولي إلى أن العام 2022 شهد انكماش الاقتصاد الليبي 1.2%، مرجعا ذلك في المقام الأول إلى انخفاض إنتاج النفط خلال الربع الأول من العام.
ومع ذلك، تبقى هناك إمكانية للانتعاشة في حال تفعيل برامج إعادة الإعمار، وتنويع الأنشطة الاقتصادية بدعم من موارد البلاد المالية الضخمة. لكن ذلك يرتبط بتحقيق أربع ركائز: «التوصل إلى اتفاقٍ سياسي دائم يصب في مصلحة مستقبل ليبيا، ووضع رؤية مشتركة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، وإنشاء نظام حديث لإدارة المالية العامة من أجل تحقيق التوزيع العادل للثروة والشفافية في سياسات المالية العامة، ووضع سياسة اجتماعية شاملة تُسهل عملية إصلاح الإدارة العامة وتفرق بين التحويلات الاجتماعية والأجور العامة».
ولفتت المؤسسة المالية الدولية إلى استمرار ارتفاع معدلات البطالة في ليبيا التي تسجل 19.6%، إذ إن أكثر من 85% من السكان النشطين اقتصاديا يعملون في القطاع العام والاقتصاد غير الرسمي.