تُعدّ أفريقيا موطنًا للعديد من المعادن الحيوية المستعمَلة في صناعة السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والبطاريات، وتتجه استثمارات قطاع التعدين العالمي إلى القارة السمراء، وسط ارتفاع الطلب على هذه السلع المهمة.
وستسهم هذه الاستثمارات في دعم إيرادات للحكومات، وتمويل التنمية، والتغلب على الاعتماد على السلع الأساسية، وخلق فرص العمل، ورفع مستويات المعيشة، في جميع أنحاء أفريقيا.
ويتوقع المحللون أن يؤثّر هذا الطلب بشكل كبير في قطاع التعدين العالمي، وخصوصًا في أفريقيا، التي تمتلك احتياطيات كبيرة من المعادن الحيوية الأساسية المستعمَلة في تكنولوجيات الطاقة النظيفة.
السيارات الكهربائية تدعم الطلب
ارتفع الطلب العالمي على المعادن المهمة بنسبة 30% في عام 2023، مدفوعًا في المقام الأول بالزيادة في تصنيع ونشر السيارات الكهربائية.
ومن المتوقع أن ترتفع حصة مبيعات السيارات الكهربائية من 18%، حاليًا، إلى 65% في عام 2030، وتشمل بعض المعادن الرئيسة اللازمة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والنيكل والغرافيت.
وبفضل احتياطياتها المعدنية الكبيرة، تؤدي أفريقيا دورًا مهمًا في تلبية هذا الطلب، حسب منصة الاستثمار في قطاع الطاقة الأفريقي إنرجي كابيتال آند باور (Energy Capital & Power).
وتمتلك القارة السمراء ما يقرب من ثلثي احتياطيات الكوبالت العالمية، و30% من الليثيوم، و20% من الغرافيت، وأكثر من 30% من المنغنيز، ومن المرتقب أن تتضاعف القيمة السوقية المجمّعة بحلول عام 2040.
ويتوقع المراقبون أن تتضاعف القيمة السوقية المجمّعة للمعادن الرئيسة في تحول الطاقة -بما في ذلك النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت والغرافيت والعناصر الأرضية النادرة- من 325 مليار دولار في عام 2023 إلى 770 مليار دولار بحلول عام 2040.
ومن المتوقع أن يشهد النحاس -وهو عنصر حيوي في الأنظمة الكهربائية- أكبر زيادة في القيمة السوقية، وتشير التوقعات إلى زيادة القيمة السوقية لأفريقيا لإنتاج المناجم بنسبة 65% بحلول عام 2030.
ومن بين المساهمين البارزين غينيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات من البوكسيت في العالم، والغابون، التي تعدّ ثاني أكبر منتج عالمي للمنغنيز، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي توفر أكثر من 70% من الكوبالت في العالم.
نمو الاستثمار العالمي
نما الاستثمار في تعدين المعادن الحيوية المهمة بنسبة 10% في عام 2023، حسب منصة إنرجي كابيتال آند باور (Energy Capital & Power).
وللبقاء على المسار الصحيح مع اتجاهات الطاقة والمناخ العالمية، سيحتاج القطاع إلى ما يُقدَّر بنحو 800 مليار دولار بحلول عام 2040، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتشمل الاستثمارات الأخيرة في أفريقيا تخصيص الشركة العالمية القابضة International Holding Company، مقرّها أبوظبي، ما يقرب من مليار دولار أميركي لعمليات استحواذ التعدين هذا العام.
بدورهما، أعلنت اليابان والمملكة المتحدة خططًا مشتركة في سبتمبر/أيلول الماضي للاستثمار بالمعادن الحيوية في أفريقيا لتحقيق الاستقرار في سلاسل التوريد الحالية.
وسوف يتعاون البلدان بتطوير المناجم في مختلف البلدان الأفريقية، وإنشاء إطار للأمن الاقتصادي وأمن الطاقة.
من ناحية أخرى، أكملت مجموعة التعدين الصينية “سينومين ريسورس غروب” Sinomine Resource Group عملية استحواذ بقيمة 180 مليون دولار في يوليو/تموز الماضي على منجم بيكيتا لليثيوم، وهو أكبر منجم في زيمبابوي.
تنويع العرض
تكتسب الجهود المبذولة لتنويع إمدادات المعادن المهمة زخمًا، خصوصًا في أوروبا والولايات المتحدة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتستثمر هذه المناطق في مشروعات التعدين الأفريقية لتقليل الاعتماد على المورّدين المهيمنين مثل الصين، وتهدف جهود التنويع هذه إلى تخفيف المخاطر المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية واضطرابات سلسلة التوريد.
وفي الوقت نفسه، تستعد شراكات الاتحاد الأوروبي مع جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا لتعزيز الصناعات المحلية وتأمين المواد الحيوية.
من جهته، يضع الاتحاد الأوروبي حاليًا اللمسات الأخيرة على اتفاقيات لدعم تطوير سلاسل القيمة المحلية في أفريقيا، التي تُعَدّ جزءًا من إستراتيجية أوسع في إطار برنامج البوابة العالمية الاستثماري الذي تبلغ قيمته 300 مليار يورو (324.60 مليار دولار).
ويتضمن البرنامج تطوير البنية التحتية، مثل خط السكة الحديد لوبيتو كوريدور، الذي من المتوقع أن يسهّل نقل المعادن عبر أفريقيا.