أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أن ليبيا من الدول الأفريقية التي تتحمل عبئا ثقيلا ومتزايدًا جراء تغير المناخ، حيث تحوّل الدولة نسبة سنويًا من ميزانياتها لمواجهة الظواهر المناخية المتطرفة.
وسادت أمطار سنوية أقل من المعدل الطبيعي في معظم شمال وشمال غرب أفريقيا، خاصة غرب ليبيا، حيث تجاوز العجز في هطول الأمطار 150 ملم (أقل 10% من الإجماليات المرصودة خلال الفترة المناخية 1991-2020)، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تقرير جديد لها.
وعلى العكس من ذلك، شهد الجبل الأخضر في شمال شرق ليبيا هطول أمطار أعلى من المتوسط، تزيد على 150 ملم (أعلى 10% من الإجماليات المرصودة خلال الفترة المناخية السابقة).
وفسرت المنظمة هذا التباين بالظواهر المناخية المتطرفة التي أصبحت ليبيا عرضة لها من حيث الجفاف وخسائر الفيضانات من جهة. وذكّرت بالعاصفة «دانيال»، في سبتمبر 2023. فبعد أن أثر على اليونان وبلغاريا وتركيا، تحركت العاصفة ببطء في شرق البحر الأبيض المتوسط لعدة أيام قبل أن تؤثر أحزمة المطر الرئيسية على شمال شرق ليبيا يومي 10 و11 سبتمبر.
وحسب الهيئة الدولية، فقد أثرت الأمطار الغزيرة على الساحل والجبال القريبة، حيث سقط 414 ملم في 24 ساعة في البيضاء يومي 10 و11 سبتمبر. كما تحول هطول الأمطار الغزيرة إلى فيضانات شديدة في المنطقة.
كارثة درنة
وكانت التأثيرات الأكثر شدة في مدينة درنة (حوالي 50 كلم شرق البيضاء)، حيث دُمر جزء كبير من المدينة بسبب الفيضانات والتي تفاقمت بسبب انهيار السدين، وتأكيد وفاة ما لا يقل عن 4700 شخص في ليبيا، ولا يزال 8000 شخص في عداد المفقودين (حتى 15 ديسمبر 2023)، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد.
وتخسر الدول الأفريقية، بما فيها ليبيا، في المتوسط ما بين 2 و5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويحوِّل الكثير من هذه البلدان ما يصل إلى 9% من ميزانياتها لمواجهة الظواهر المناخية المتطرفة.
وتنعكس الاضطرابات المناخية على الأمن الغذائي، فقد قُدِّر إنتاج الحبوب في شمال إفريقيا في عام 2023 بنحو 33 مليون طن، وهو ما يشبه حصاد العام 2022 الذي عانى بالفعل من الجفاف وأقل بنحو 10% عن متوسط الخمس سنوات. لكن في مصر وليبيا، كانت محاصيل الحبوب في العام 2023 قريبة من المتوسط.
ويوصي التقرير الأممي، الدول الأفريقية بمنح الأولوية لزيادة الاستثمار في المرافق الوطنية للأرصاد الجوية، والتعجيل بتنفيذ مبادرة الإنذار المبكر للجميع من أجل إنقاذ الأرواح والحفاظ على سبل العيش.
ويقول معدو التقرير إن هذا من شأنه أن يساعد في التخفيف من المخاطر، وبناء القدرة على التكيف، وتعزيز القدرة على الصمود على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، وفي توجيه استراتيجيات التنمية المستدامة.
وفي وقت سابق أكدت تقديرات دولية أن السيول الجارفة التي شهدتها مناطق شرق ليبيا شكلت كارثة مناخية وبيئية تتطلب 1.8 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي.