Skip to content

خبراء: دور متنام للصناديق السيادية الخليجية

لم تعد صناديق الثروة السيادية العالمية مجرد أدوات استثمارية تهدف إلى تحقيق عوائد مالية كبيرة، بل أصبحت تلعب دورا حيويا في دعم وتطوير الصناعات الحيوية والبنية التحتية، خاصة في مجال الطاقة المتجددة.

الصناديق السيادية الخليجية تسير على هذا المنوال حيث تتبنى نهجا مفاده أن النمو الاقتصادي للدولة يعتمد جزئيا على قدرة الصناديق السيادية على توجيه رأس المال بفاعلية داخليا وخارجيا، مع إدراك أن الانتقال إلى اقتصاد وطني قائم على المعرفة كآلية للنمو يتطلب استثمارات ضخمة، بحسب ما أكده خبراء لـ”الاقتصادية”.

تزايدت أهمية صناديق الثروة السيادية العالمية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت الأصول التي تديرها إلى 11.3 تريليون دولار بنهاية فبراير 2023، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 10 أضعاف خلال العقد الماضي.

على مدار العقدين الماضيين، كانت الصناديق السيادية الخليجية في مقدمة الصناديق الأكثر وعيا بالدور المنوط بها وبطبيعة التغييرات الجارية في الاقتصاد الدولي. وعبر مجموعة ضخمة من الاستثمارات الدولية واسعة النطاق والناجحة، رسخت الصناديق السيادية الخليجية مكانة خاصة بين نظيراتها العالمية باعتبارها راعيا رئيسا للاستثمارات العالمية طويلة الأجل.

وبفضل قوتها المالية وآفاق الاستثمار طويل الأجل لديها، فإن الصناديق السيادية الخليجية تمتلك القدرة على توسيع نطاق استثماراتها ليس فقط في قطاعات معينة، إنما أيضا في اقتصادات دولية أخرى تمتلك قدرا كبيرا من التطور لتحقيق المكاسب الاقتصادية والمعرفية في آن واحد، وفي مقدمتها الاقتصادات الأوروبية.

الخبير الاستثماري سيمون جورج يعلق على ذلك قائلا “تلعب صناديق الثروة السيادية الخليجية دورا متناميا في دعم الاقتصادات الأوروبية، خصوصا خلال الأزمات المالية، ما أثر بشكل كبير في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين. وفي السنوات الأخيرة، ازدادت أهمية هذه الصناديق مع توسع استثماراتها في أوروبا، حيث تضاعفت الاستثمارات الخليجية في الأصول الأوروبية لتصل إلى 51.6 مليار دولار في عام 2022 مقارنة بـ21.8 مليار دولار في عام 2021”.

تشمل هذه الاستثمارات مجموعة متنوعة من القطاعات مثل العقارات والطاقة والتكنولوجيا. ومن بينها، على سبيل المثال، استثمار “مبادلة” الإماراتية مليار دولار في شركة “سيتي فايبر” البريطانية، ما يعكس الاهتمام المتزايد بالبنية التحتية الرقمية.

تعزز هذه الاستثمارات العلاقات الاقتصادية بين بلدان الخليج العربي وأوروبا، حيث أصبحت صناديق الثروة الخليجية لاعبا رئيسا في الأسواق الأوروبية، ما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الأوروبي، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية المستمرة، ما يرسخ أهمية هذه الصناديق في المشهد الاقتصادي العالمي.

بطبيعة الحال، يحظى صندوق الاستثمارات العامة السعودي بمكانة خاصة في مجال الاستثمار العالمي بصفة عامة والأوروبي بصفة خاصة. فالصندوق السيادي السعودي، بوصفه أكبر صناديق الثروة السيادية عالميا بقيمة قدرت أخيرا بـ1.1 تريليون دولار، يضع عديدا من القطاعات الاقتصادية الرائدة نصب عينيه لتعزيز قدراته الاستثمارية.

الصندوق السيادي السعودي استحوذ بمفرده العام الماضي على نحو 25% من إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية في العالم. وللحديث عن هذا الموضوع، يعلق روب هيندراي، الخبير الاستشاري لعدد من صناديق التحوط الأوروبية، قائلا: “للصندوق السيادي السعودي دور محوري في تعزيز الاقتصادات الأوروبية، خصوصا خلال الأزمات الاقتصادية العالمية، بحيث بات لاعبا رئيسا في المشهد الاقتصادي العالمي”.

وعلى مدار العقد الماضي، ضاعف من استثماراته الأوروبية، مستهدفا مجموعة واسعة من القطاعات الإستراتيجية، مثل صناعة السيارات، حيث تبلغ حصته الحالية في شركة أستون مارتن ما يزيد قليلا على 20 %، وأيضا في البنية التحتية، مثل الاستحواذ على ما يزيد على 37 % من مطار هيثرو، وهو أكبر مطار في أوروبا”.

يعتقد الخبراء أن هذا التوجه نحو الاستثمار بشكل كبير في الأصول الأوروبية يعكس إستراتيجية خليجية عامة لدى الصناديق السيادية بالسعي إلى تنويع محفظتها الاستثمارية بعيدا عن قطاع النفط، والتركيز على القطاعات التي توفر لها عوائد مستقرة على المدى الطويل لدعم الأهداف الحكومية الإستراتيجية، واحتضان الابتكار، وامتلاك قدرة أكبر للتعامل مع تعقيدات السوق. وبالتالي، أصبح دور الصناديق السيادية الخليجية في تحقيق التحولات الاقتصادية الكبرى لا غنى عنه.

الاقتصادية

أشهر في موقعنا