رأى رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، أن تأجيل فتح معبر رأس الجدير الحدودي هو أمر منتظر بالنظر لفشل كل الاجتماعات التي سبقت مضاء الاتفاق الأمني.
عبد الكبير قال في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية إن هذا الاتفاق كان هشا من أساسه، مشيرًا إلى أن إضفاء الصبغة الأمنية على هذا الاتفاق كان محل معارضة من جل الأطياف الحقوقية والسياسية، خاصة وأنه لم يسبق لتونس أن كان لها مشكلة أمنية مع ليبيا.
وأضاف: “حتى في أعتى المشاكل بين الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، أغلقت الحدود دون إطلاق رصاصة واحدة، وحتى في قلب ملحمة بن قردان سنة 2016 (معركة مع إرهابيين)، بقي معبر رأس الجدير مفتوحا وبالتالي المشاكل الأمنية لم تكن مطروحة”.
وأردف عبد الكبير، بالقول إن “تونس بقيت على الحياد بعد تبادل إطلاق النار بين جماعة “زوارة” وقوات وزارة الداخلية التابعة للوحدة الوطنية الليبية، في آذار الماضي، وكان من المفترض أن يتم تجاوز مسألة غلق المعبر بعد توقيع الاتفاق”.
وتابع: “كان على وزير الداخلية الذي ترأس الوفد التونسي، أن ينتبه إلى مثل هذه المسائل وأن يكون الاتفاق شاملا، وأن يتطرق إلى النقاط التجارية، تشابه الأسماء، تسجيل السيارات، الاعتداءات المتكررة على المواطنين التونسيين في ليبيا، بعض التضييقات لليبيين في تونس”.
وأضاف “من ضمن النقاط التي نص عليها الاتفاق هي الحفاظ على التبادل التجاري والعودة إلى الاتفاقات المبرمة بين البلدين”، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقات بقيت مبهمة خاصة تلك المتعلقة بالتبادل التجاري الرسمي على مستوى المؤسسات والشركات والمصانع والتبادل التجاري المتعلق بصغار التجار، الذي يهم 70 بالمائة من التونسيين الذين يعبرون إلى ليبيا، والذين تطلق عليهم في تونس تسمية “تجار الحقيبة”.
وأكد الحقوقي أن 70 مدينة حدودية بين تونس وليبيا، تعيش طيلة عقود من التبادل التجاري الذي يحصل عن طريق معبر رأس الجدير”، مشدداً على أن تقنين التبادل ضمن اتفاقات سيحافظ على كبار التجار ولكنه سينهي في المقابل صغار التجار.
واعتبر أن خلافات ليبية داخلية حالت دون حل أزمة المعبر، مشيرًا إلى أن الاتفاق الأمني الذي وُقّع استبعد طرفا مهما في المعبر وهو بلدية زوارة، التي تعود لها مهمة التصرف في المعبر منذ عشرات السنوات.
وتابع: “عندما تقوم وزارة الداخلية الليبية بتغيير هذا المعطى بعد سنوات، من المؤكد أن الطرف المعني لن يقبل بذلك”، مشدداً عبد الكبير على أن “التسويات الليبية عموما هي تسويات هشة”.
ومضى، بالقول: “الاتفاق الممضي نص على فتح المعبر يوم 13 يونيو الجاري، لدخول الحالات الإنسانية والإسعاف والشخصيات الدبلوماسية، ولكن في اليوم الأول سجلنا دخول 10 سيارات فقط، مقابل 5 سيارات إسعاف ودبلوماسي واحد في اليوم الثاني، ولم تدخل أي سيارة في اليوم الثالث والرابع”.
ونقل من مصادر ليبية، أن جهات أمنية ليبية تتبع أطرافا معينة هي من ترفض فتح المعبر وكانت تتصدى لمن هو متجه إلى معبر رأس الجدير، وهو ما جعلنا نتوقع عدم فتح المعبر كما كان مقررا، يوم 20 يونيو 2024.
وشدد على أن المسألة الداخلية لم تسوى وإلى الآن هناك خلاف ليبي- ليبي، على مسألة ترتيب الأولويات المتعلقة بعدد من النقاط، من ضمنها استبعاد بلدية زوارة من الإشراف على المعبر، واستبعاد قيادات أمنية من منطقة زوارة ونقلها إلى أماكن أخرى، وطريقة التبادل التجاريّ.
عبد الكبير أشار إلى وجود صراع حقيقي بين الأطراف المؤيدة لحكومة الدبيبة والمعارضة لها، الذي ظهر سياسيا وأثّر حتى على المعبر وعلى علاقة زوارة بحكومة الدبيبة وبوزير الداخلية، إلى درجة أن زوارة تعتبر نفسها أقلية مستقصدة.
ويرى أن تونس أخطأت في إمضاء الاتفاق وأنه يجب عليها التدارك وأن تضغط دبلوماسيا بحث الدولة الليبية على حل أزمة المعبر، خاصة وأن تونس لم تكن طرفاً في المشكل.